وعاذلٍ عذلته في عذله – أبو تمام
وعاذلٍ عذلته في عذله ... فظنَّ أني جاهلٌ من جهلهِ
ما غبنَ المغبونَ مثلُ عقلهِ ... مَنٍ لكَ يوماً بأَخِيكَ كُلهِ؟
لبستُ ريعاني فدعني أبلهِ ... رأيَ ابنِ دهرٍ غَرِقاً في خبلِهِ
أَعْلَمَ مِنْهُ بِحُداءِ إِبْلِهِ ... قَدْ لَعِبَتْ أَيْدي النَّوَى بِشَمْلِهِ
مَمَتّعاً مُضْطَلِعاً بحِمْلِهِ ... مُنْصَلِتاً كالسَّيْفِ عندَ سَلهِ
مَوْلُودَة ٌ هِمَّتُه مِنْ قَبْلِهِ ... قد دانَ ذو الفضلِ له بفضلهِ
كالصَّابِ مَنْ يَذُقْه لا يُسْتَحْلِهِ ... إلاّ بأَنْ يَسْكُنَ تحتَ ظِلهِ
مفيدُ جزلِ المالِ معطي جزلهِ ... يحويهِ منْ حرامهِ وحلهِ
ويَجْعَلُ النائِلَ أدنَى سُبْلِهِ ... وبلدٍ نائي المحلِّ محلهِ
رَميْتُه مِنَ السُّرَى بِنَبْلهِ ... بيازلٍ مقابلٍ في بزلهِ
مثلي سرى في مثلهِ بمثلهِ ... ومَلِكٍ في كِبْرِهِ ونُبْلِهِ
وسُوقِة ٍ في قَوْلهِ وفِعْلِهِ ... بذلتُ مدحي فيه باغي بذلهِ
فَحَذَّ حَبْلَ أَمَلي مِنْ أصله ... مِنْ بعد ما استعبدَني بمَطْلِهِ
ثمَّ أتى معتذراً بجهلهِ ... ذا عنقٍ في المجدِ لم يحلهِ
يَعجَبُ مِنْ تعجُّبي وبُخْلِهِ ... يَلحظني في جدهِ وَهَزْلِهِ
لَحْظَ الأَسيرِ حَلَقَاتِ كَبْلِهِ ... حتى كأني جئتهُ بعزلهِ
يا واحِداً مُنْفرِداً بَعدْلِهِ ... ألبسته الغنى فلا تملهِ
ما أضْيَعَ الغِمْدَ بغيرِ نَصْلِهِ ... والشَّعْرَ ما لَمْ يَكُ عندَ أَهْلِهِ
لا يوجد تعليقات حالياً