يشقُّ عليَّ أنْ تشقى بحبسِ – عبدالغفار الأخرس

يشقُّ عليَّ أنْ تشقى بحبسِ … وأنْ تبقى لرشٍّ أو لكنسِ

تكبَّلُ بالحديد وكنتُ أخشى … محاذَرَة ً عليك من الدمقس

وعزَّ عليَّ أنْ تبقى بدار … وما يُلفى بها غيرُ الأخسّ

أَتَخْدِمُ كلَّ مبتذَل حقير … إذا ما بِيعَ لا يُشرى بفلس

وكنتُ أغار إنْ رمقتك عينٌ … تلوّثُ عرض صاحبها برجس

تطوف بك الوجوه الغبر منهم … كما طافت شياطين بإنسي

ولو مكِّنتُ مما أشتهيه … خَدَمْتُك دون أصحابي بنفسي

تقول سلوتني ونقضتَ عهدي … وخنتَ مودَّتي ونسيتَ أنسي

معاذ الله أنْ أسلوك يوماً … ويومي في غرامك فوق أمس

تحدّثُ عن هواك دموعُ عيني … بألسنة ٍ من العبرات خرس

يجول عليك طول الليل فكري … وأصبح فيك محزوناً وأمسي

وأذكرُ ما مضى من طيب عيش … فآكل راحتي وأعضُّ خمسي

فمن غزلٍ يروق لديك مني … ومن نغم يَلَذُّ وشربِ كأس

فآها ثم آهاً ثم آهاً … على قمرٍ يدير شعاع شمس

فما أغلى ليالينا وأحلى … لقد بيعت لشقوتنا ببخس

ليلي كانت اللّذات فيها … وأيّام لنا أيّام عرس

مَضَتْ تلك السنون وفرّقتنا … حوادث من خطوب الدهر بؤس

رماها من قضاء الله رامٍ … فأنفذَ سهمه من غير قوس

ومن لي أنْ أزورك كلَّ يوم … وأنْ أسعى على عيني ورأسي

عسى لطفٌ من الرحمن يأتي … ويسعدني بسعدٍ بعد نحس

كما سعدَ العراقُ به ولاذت … برأفته أفاضل كلّ جنس

أرى ما يطمع الراجين فيه … فأطمعُ في نجاتك بعد يأس

سأُفْرِغُ للثناء عليه فكري … وإملاء القريض عليك طرسي

ومنه إليك قد حان التفاتٌ … فأبشرْ في إزالة كل نكس

فبادر بالدعاء له وأخلص … وأنذرْ نتفَ لحية ِ كلّ وكس