يا نجدة َ الرومِ في بطارقها – ابن الرومي
يا نجدة َ الرومِ في بطارقها … وحكمة َ الروم في مهارقها
هل فيكما نُصرة ٌ مؤزَّرة ٌ … لزاهق النفسِ أو كزاهقها
غُيِّب عن عينه مُغَافصة ً … أفضلُ ما اعتدَّه لفاتقها
يا حرَّ صدري على الخُطوبِ وما … تطْويه بالغيبِ من بوائقها
أُخرجتُ من جَنَّتي مفاجأة ً … آمَنَ ما كنتُ في حدائقها
بيْنَا استماعي هديلَ هادلها … إذ راع قلبي نعيقُ ناعقها
فارقني قاسمٌ لطيَّته … يا لهفَ نفسي على مُفارقها
بانَ عن العين وهو في فكري … أدْنى إلى النفس من مُعانِقها
وكم أناسٍ مباينين غَدَوا … ألصقَ بالنفس من مُلاصقها
يا لهف نفسي على مُوفّقها … يا لهف نفسي على مُوافقها
كان حياة ً صفتْ بعافية ٍ … هيهات منها مَلالُ ذائقها
هل يخلفُ البدرُ وجه سيدنا … كلا ولا الشمسُ في مشارقها
أو يخلفُ البدرُ نور ضحكته … إذا انجلى الليلُ عن بوارقها
أو يخلُف الغيث راحتيه لنا … كلا وأخلاقِه وخالِقها
أو يخلفُ البحرُ ما تجيشُ به … أفكارُه تلك من دقائِقها
فتى ً إذا ما الشواكلُ التبستْ … شقَّ الأباطيلَ عن حقائقها
ذو شيمة ٍ لم تزل مواعدُها … في الصدق تجري على موائِقها
واللَّه لولا تطُّيري سفحتْ … عيني دمَ القلبِ من حمالقها
لكن على غيره البكاءُ ولا … زالت أمانيه طَوْعَ سائقها
يرمي به العمرُ في خوالفه … وحَلبة ُ المجدِ في سوابِقها
ويا ندامايَ لاعِدِمتكُمُ … يا صفوة النفس من أَصادقها
طلَّقتُ من بعدكم مَناعمَ أص … بحتُ أرجِّي رِجاعي طالقها
كأسيَ مُذ غبتُمُ معطّلة ٌ … لم تجرِ عندي على طرائقها
غابِقُها ذاهلٌ وصابحها … عن شأنها ذاهلٌ كغابقها
والعودُ والنايُ صامتان معاً … أو مُسعدا عبرة ٍ ودافقها
ظعنتمُ والربيع منصرمٌ … والأرضُ تبكي على شقائقها
فكان في ظعنكم لها شُغلٌ … على كلِّ ما محَّ من روانِقها
ليس لبغداذَ غيرَكم شجَنٌ … ولا سوى ذكرِكم بشائقها
صبراً جميلاً فإنها بُكَرُ ال … عيش ولا بدّ من ودائقها
لكنَّ آصالها مُؤمَّلة ٌ … آمَننا اللَّه من عوائقها
كأننا بالقيان تُسمعنا … مثل المها العين في أبارقها
من كل رُودٍ إذا تضمَّنت ال … ألحانَ أَربتْ على مُخارقها
أمانة َ اللَّه إنها زِنة ُ ال … غبراءِ مَبسوطها وخالقها
ألا قرأتم على مؤمَّلنا … سلام صَادي الأحشاءِ خافقها
وَقلتُمُ غير كاذبينَ له … عن آمِل النفس فيه واثقها
ناشرِ ذكرٍ إذا التقت عُصَبٌ … حَالت به المِسكُ في مَناشِقها
ألية ً يا أبا الحُسين بآ … لائِكَ إني لَغيرُ ماحِقها
إن يكُن الظُّلم منك يرهَقُها … فظلمُ مولاكَ غيرُ راهقها
كم نعمة ٍ منكِ لا يُقرّ بها … يَنطقُ عنها ذرورُ شارقها
يا سارقَ الغُرِّ من صنائِعِه … مولاك ماعاش غيرُ سارقها
وفائِقِ الحالِ حَشْوه شِيمٌ … يعلمه اللُّهُ غيرَ فائِقها
أضحى يَرومُ العُلا فقلتُ له … دعْ رائقاتِ العُلا لرائقها
يا من يُحبُّ العلا مُنافقة ً … هيهات أعيت على مُنافِقها
فلا تُحاول خِداعَ كيِّسة … تضنُّ بالصفوِ عن مُماذقها
ولا تخل أنها مُصادقة ٌ … أُخرى الليالي سوى مُصادقها
لن يجمع المَال والعلا مقة ٌ … بل وامقُ المالِ غير وامِقها
فكِلْ إلى قاسمٍ ولا يتها … وخلِّ معشوقة ً لعاشقها
ذَاكَ الذي لم تزل شمائلهُ … أحلى من الهِيف في مَناطِقها
خُذها كدُرِّ الفتاة منتظمَا … أوعِتَر المسكِ في مَخَانقها
وإنني مُلحقٌ بها فِقَراً … سَوابقُ الشِّعر من لواحِقها
لا يُخطىء ُ السالكون قصدْهُم … ميلاً إلى فتنة ٍ وناعقها
وليعدل الجائرونَ عن قُحمٍ … بمن أتاها مَحيقُ حائقها
خِلافة ُ اللَّه في ملوك بني ال … عباسِ من خير رِزقِ رازقها
قبيلة لستَ عادماً رشَداً … في كهلها لا ولا مُراهقها
فالحلمُ والعلمُ في أَشائبها … والجودُ والبأسُ في غرانقها
يكفيك أن أصبحتْ خلافَتُهُمْ … وابنُ سليمان حبلُ عاتقها
وأن إفضالَه ونائلَه … لطالبي الفضلِ من مرافقها
يا لك من نحلة ٍ مُعسَّلة ٍ … وحية ٍ منه في سُرادقها
به استقامت أمورُ مملكة ٍ … عوجاءَ واستوسقت لواسقها
كأن تصريفَهُ الخطوبَ لها … نتقُ جبالٍ عَنَتْ لناتقها
جلتْ هناك الخطوبُ وارتفعت … شاهاتها الصِّيد عن بَياذِقها
تُعدُّ منه لحربها قلماً … يُفرِج للرمح في مَضايقها
ويهتدي عامِه السيوف به … من هام قَومٍ إلى مَفارقها
أحصنُ من سورِ كلِّ عالية ِ السْ … سُور حِفاظاً ومن خنادقها
كم نوبة يُذعَرُ الزمانُ لها … يُعدُّه أهلُه لطارِقها
ورِشْدة ٍ كان من مَفاتحها … وغَيَّة ٍ كان من مَغالقها
يلقى دهاءُ الرجال حيلتَهُ … أملاً بالضعف من أَحامقها
يتركُ بالحوْل حَول حُوَّلها … وهو سواءٌ ومُوقُ مائقها
يرمي بدهياءَ من فلائقه … في وجه دهياءَ من فلائقها
كم زاحمَ الدهرَ فوق مَدْحضة ِ … زَلجٍ فما زلَّ عن زَحالقها
كم أنشأ المُزَن من ندى ً وردى ً … لمعتفي دولة ٍ وفاسقها
فأمطر البرَّ من مَغَاوثها … وفاجرَ القوم من صواعقها
يا آل وهبٍ سمتْ بكم رُتبٌ … يقصِّرُ السُّؤل عن سوامقها
يا عترة ً لم تزل مَمدَّحة ً … يُنكَّبُ الطعن عن خلائِقها
فاتت فما ذمُّنا بلاحقها … كلا ولا مدْحُنا بسابقها
يَكرمُ مخبوركم على مِحن … من الليالي ومن صوافقها
كأنكم أنصل مهنَّدة ً … يُبدي لنا الصقلُ عن سفاسَقها
أضحى نثا المُلك والملوكِ بكمْ … أذكى من المسك في مَفارِقها
وفاتَ صِنديدُكم بسابقة ٍ … طالِبُها الدهرَ غيرُ لاحقها
وازَتْ عُراها ملوك مِلَّتنا … فكنُتُم ثَمَّ من وثائقها
فعوَّلتْ منكم هناك على … فاتقِ أحوالِها وراتقها
واستحفظتْهُ قِوامَ دوْلتها … وما يلي ذاك من علائِقها
وكفَّلتْهُ برفد يابسها … ووكَّلته بكيدِ مارقها
فحطَّت الفقر عن عواتقنا … وحطَّت الهمَّ عن عواتقها
وبيَّن الجريُ من صواهِلها … خِلاَف ما كان من نواهقها
فلا تخافوا أَمِنتمُ أبداً … ما أينع الطَّلعُ في بواسقها
جعلتُمُ عُرفكم مَعاقلكُم … من الليالي ومن طوارقها
وجاعلُ العُرف من معاقله … أنجى من العُصم في شواهقها
نعماؤكُمْ في الأنام قد طرفَتْ … عَينٌ من اللَّه عينَ رامقها
وعصبة ٍ يحذقون مدْحكمُ … من مجدكم جاءَ حِذقُ حاذقها
لو مدحتْ غيرَكم فحولُهُم … لقصَّر اللومُ عن شَقاشقها
كم مِدحة ٍ لوعَدتُكُم خَرست … كُنتم سبيلاً لنطق ناطقها
ومدحة ٍ لوعَدتكمُ كَذبتْ … كُنتم سبيلاً لصدقِ صادقها
وكيف لا تُبرز العقولُ لكم … وصائفَ الشعر في قَراطِقها
وفي سواكم كسادُ كاسدها … وفي ذَراكم نفاقُ نافقها
لكنني قائلٌ لبارقة ٍ … منكم لغير صَبيبُ وادِقها
عَدْلكِ يا مُزنة ً هجرتُ كَرى … عَينيَّ قِدْماً لِشيم بارقها
أأتّقي الدهرَ ذا الهنات بكم … وأعظمي طُعمة ٌ لعارِقها
تالله ما عِزَّتي لهاضِمها … فيكم ولا هيبتي لخارقها