وفى َّ السحابُ لمغناهُ وإن خانا – الباخرزي

وفى َّ السحابُ لمغناهُ وإن خانا … وواصلَ الخصبُ مَرعاهُ وإن بانا

لا القربُ أكسبني منهُ الملالَ ولا … أفادّني منـهُ بعدُ الـدّارِ سلوانا

لبئسَ ما زَعموا أنَّ المُحبَّ إذا … دنا يملُّ ويشفي النأي أحيانا

سبرتُ حالي في قربٍ وفي بعدٍ … فلا تسلني ودعني كان ما كانا

يكفيكَ إن أنكرتنفسي صبابتها … نحافتي حجة ً والدمعُ برهانا

جفا فجازيتهُ بالضدِّ معتقداً … دينَ الهَوى سادراً حَيرانَ حَرّانـا

بذا جرت عادة ُ العشاقِ شأنهمُ ال … ـوفاءُ لَو شَرّعوا في غيرِه شانـا

يَجزونَ من ظُلمِ أهلِ الظلمِ مَغفرة ً … ومِن إساءَة ِ أهلِ السوءِ إحْسانا

يا راحة َ الروحِ حَتّامَ الجفاءُ ؟ لَئِنْ … آنَ الوفاءُ فجدد عهدهُ الآنا

قربتُ جسمي ونارُ الحبِّ تأكلهُ … فاقبلهُ مني وصغ لي الطوقَ منانا

كذاكَ فيما سمعْنا قبلُ ما قَبلوا … إلا الذي أكلته النار قربانا

وأنتَ يا هاتفَ الطرفـاءِ خُذْ طرفاً … منّا ولا تشكُ أشواقاً وأشجانـا

فاسكت فأنتَ وإن أسمعتَ جارتنا … فقد عنيتَ بشجوِ الشَّدوِ إيّانـا

ما ذاقَ طعمَ الكرى إنسانُ عَيني مُذْ … زفَّ السُّهادُ إليـهِ أُمَّ غَيلانـا

راعى قضيّة َ إنسانيـة ٍ شرعَتْ … رعيَ العهودِ بذا سمّوْهُ إنسانا

إن لانَ عيشُ فتى ً في ظلِّ منشئهِ … فإنَّ عيشيَ في ”مالين ” ما لانـا

صودرتُ فيها على مالي وغاضَ بهِ … عِزّي وفاضَ عليَّ الذلُّ تَهْتانا

وأوطأوني دارَ الحبسِ مبتذلاً … كأنَّني كنتُ يومُ الدارِ عُثْمانا

وإن من سلَّ عن فكيَّ سيفهما … ما صان حقَّ أبيهِ حقّ لو صانـا

عداوة ُ الشعرِ بئسَ المقتنى ومتى … أرضى إذا ما علكتُ الهجوَ غضبانا

كيفَ السَّبيلُ إلى إنكارِ مُعجزتي … إذا قلبتُ عصـا الأقلام ثعبانـا ؟

لا حبذا البختُ أعياني ومالَ إلى … قومٍ يعدُّهُم الأرذالُ أعيانـا

يُدرِّعُ البصلَ المذمومَ أكسيـة ً … ويتركُ النَّرجس المشمومَ عُريانـا

وينبتُ الشوكَ من أرضٍ وجارتها … تُجني أكفَّ بُغـاة الرّزقِ عِقْيانا

سرٌّ دفـينٌ نبشْناهُ فلـم نَرَهُ … سبحانَ علامِ هذا الغيبِ سبحانا

يا صاحبيَّ أعيناني على أربي … ونبها جفنَ عزمٍ باتَ وسنانا

فسوفَ يُورِقُ عُودي إن بنيتُ على الـ … ـمطيِّ من شجراتِ الميسِ عِيدانـا

شوقاً إلى حضرة ٍ نُصَّ الوِسادُ بهـا … على سريرِ عميدِ الملكِ مولانا

منصورٍ الأروَعِ المنصـورِ رايتُـهُ … فتى محمدٍ المحمودِ أديانا

فطمتُ عن بابهِ المعسولِ درته … بعدَ ارتضاعي من نعماهُ ألبانا

يعدُّ ني بيتهُ من أهلهِ وكذا الن … بيُّ عدَّ من أهلِ البيتِ سلمانا

إذا حللـتَ بِواديـهِ رأيتَ حمى ً … مُمنَّعاً ردَّ خطبَ الدَّهـرِ خَزيانا

لم تستبح إبلاً للائذينَ بهِ … بَنو اللّقيطة ِ من ذُهلِ بن شَيبانـا

أبوابُ اسطبلِهِ إذ قسْتَ أرفعُ مِـن … إيوانِ كسرى وأعلى منهُ بُنيانـا

والأنجمُ الزُّهرُ سُوّاسٌ مُواظبـة ٌ … عـلى مَراكبـِهِ سِرّاً وإعلانـا

حقاً أقول فلولا ذاك ما نقلت … على المجرّة ِ طولَ الليلِ أتْبانا

وماءِ بشرٍ مصـونٍ في قَرارتـهِ … يروي الرجاءَ إذا وافاهُ عطشانا

وطلعة ٍ زانها الباري بقدرتهِ … فخطها لكتابِ الحسنِ عنوانا

وخاطـرٍ كشواظِ النّـارِ مُتّقدٍ … يكـادُ يقدحُ منهُ الوَهم نيرانـا

مُستظهرٌ بعبـاراتٍ وألسنـة ٍ … تفنّنَتْ كـالرياضِ الغُـرِّ أَلْوانا

هَدى إلى لغـة الأعرابِ تُبَّعَهـا … وزفَّ بالمنطقِ التركيِّ خاقانا

وإنْ تفقّـه في نـادٍ أقـرَّ لَـهُ … أبو حنيفة َ بالتبريز إذعانا

إذا تَفلسفَ فالاقليـدُ في يـدِهِ … يحلُّ إقليدِسَ المُعْتاصَ عرفانـا

وينسجُ الحِبرُ من مكتوبـه حَبَـراً … منسوجُ صنعاءَ في منسوجهِ هانا

لم يخلُ من ثمَراتِ الفَضلِ مُذ غُرست … يداهُ فيها من القصباءِ أغصانا

مجلوبة ٌ جاورتنا في منازلنا … وخلفت في جوارِ الأسدِ أوطانا

لولا الحنينُ إلى الأوطانِ لم ترها … مُصفـرَّة ً سَحّـة َ الآماقِ مِرْنانا

خُذها إليك أبـا نصـرٍ مُفوّفَـة … تخالها أعينُ الرائينَ بستانا

أهدى لها صُدُغُ معشوقٍ بنفسجَـهُ … وخَطّ عارضُـه الوَرديُّ رَيحانا

كأنما استودعت في كلِّ قافية ٍ … مقُرطقاً ساحـرَ الألحـاظِ فَتّانـا

ممطورة ً بسحابِ الطبعِ ساحبة ً … برداً يغطي وراءَ الذيلِ سحبانا

غازِلْ عرائسَها وافتـضَّ عُذرتَها … واعقد بأرؤسها نعماك تيجانا

وعش كما شئتَ ما ناحت مطوقة … بلوعة ِ البينِ وهناً وامتطت بانا

فأنتَ سلطانُ أهلِ المجـدِ قاطبـة ً … وركنهم ، دامَ ركنُ الدينِ سلطانا