هي أسعدٌ ما دونهنَّ حجابُ – لسان الدين الخطيب
هي أسعدٌ ما دونهنَّ حجابُ … لا ينقضي عدٌّ لها وحسابُ
وبشائرٌ تصلُ النُّفوس كأنَّما … بين النُّفوس وبينها أنسابُ
تأتي على قدرٍ فيخلفُ بعضُها … بعضاً كما خلفَ السحابَ سحابُ
أما الفتوحُ فقد تجلَّى واضحٌ … من صبحِها الأجلى وفُتح بابُ
وسَرَت بشائرها بكل تحية … شُدَّتْ لها الأفْتادُ والأقْتابُ
حتى إذا شَمِل البلاد وأهلها … فعلا لهم قَدَحٌ وعَزَّ جَنابُ
طَلَعتْ على الأعقاب أعزَّ موقعا … منها والآلاء عذابُ
فارتاح دوْحُ المُلْك عنْ فرْع العُلا … وازداد في أفُق الجلال شهابُ
واسْتُلَّ مِن أجفان خَزْرج صارمٌ … خَضَعت إليه مفارقٌ ورِقابُ
وهوتْ إليه أسِنَّة وأسِرَّة … ومواكبٌ وكتائبٌ وكتابُ
فاسْعدْ أميرَ المسلمين بطالع … يُمْنى إليه الحرْبُ والمحرابُ
واشْدُد به لأخيه أزْرا وارتقِبْ … منهم أسُودا والأسِنَّة غابُ
فإذا تسعَّرتِ الوغى وتنكَّرتْ … بهم الرجال دعَوْتهم فأجابوا
ورميْتَها منهم بكُلِّ مُجَرِّبٍ … ذلَّتْ له الأقرانُ وهي صعابُ
هُنِّيتها نُعْمى إليك جليلة … لا يسْتَقِلُّ بشُكْرها إطنابُ
لله منك مؤيَّدٌ ذو عَزْمة ٍ … راضٍ وأيامُ الزمان غِضابُ
مِن آل نصرٍ من ذؤابة خزرج … قومٌ همُ الأنصارُ والأصحابُ
آثاركَ الغَرُّ الكرامُ كواكبٌ … تأبى الكواكبُ أن يضِلَّ ركابُ
فإذا همَمْتَ بلغْتَ كلَّ مُمَنَّع … وإذا رأيت الرأي فهو صوابُ
أبديتَ من تقوى الإله سريرة ً … يُحْبى مقامُك فضْلَها ويُثابُ
وجرَيْتَ في العلياء مقتدِيّا بما … دَخَرَتْ إليك أرُومَة ٌ ونِصابُ
فاسْلم ومُلْكُك آمن مما يَتَّقي … تضْفو عليه للمُنى أثواب