تذكرت عهدا للشباب الذي ولى – لسان الدين الخطيب

تذكرت عهدا للشباب الذي ولى … فصاب له تسكاب دمعي وانهلا

وقلت وقد آنست بارقة الهوى … عهود الصبا يا ما ألذ وما أحلا

إذ العيش غض والشبيبة روضة … أزاهرها تجنى وأنوارها تجلا

عهود منى ألوى لجدتها المدى … وقلص من إيناسها ذلك الظلا

وما كان إلا كالخيال لنائم … ألم ويا سرعان ما قوض الرحلا

فلله من ضيف حميد مقامه … لدينا فلو طال المقام لما ملا

نوى ظعنا قبل الوداع مبادرا … فجاد الحيا مثواه أن يتماحلا

وخلفنا نأتي الرسوم فنشتكي … إليها وهل تشفي الرسوم جوى كلا

ومما شجاني أن مررت بمكتب … فهيج وجدي للزمان الذي ولا

وكم قدم قد أقدمت لغرامها … وخط على تعذيب مهجته دلا

بعيد عن الأبصار سام مكانه … فلله ما أبهى ولله ما أعلا

خميلة ذكر جادها واكف المنى … فمن حكمة تروى ومن آية تتلا

وقد حل فيه من مهى الإنس فتية … أوانس لا يعرفن شيحا ولا رملا

تراع من الوسمي إن كان ساقطا … عليها وتستخفي النسيم إذا اعتلا

وليس لديها للعذار توقع … فترهب يوما عقربا منه أو صلا

إذا ما بكى منهم لديغ لدرة … وجادت بدر الدمع مقلته النجلا

وسال بصفح الخد در دموعه … رأيت شقيق الروض بالغيم قد طلا

وما كان إلا أن وقفت فأسرعوا … يريشون من أهداب أحداقهم نبلا

وهبوا إلى أعطافهم ولحاظهم … فكم صعدة هزت وكم صارم سلا

رويدكم يا قوم إنا بنو الهدى … آآل كتاب الله لا تنسوا الفضلا

قصارى منانا أن نفوز بنظرة … ونقنع من نيل الوصال بما قلا

إلى الله أشكو ما ألاقي من الجوى … وبعض الذي ألقاه من لاعج أجلا

ويالك من نفس إذا برقت لها … عهود الهوى قالت لوارده أهلا

ومن نظرة دلت على جفني البكا … ومن خطرة نادت إلى قلبي الخبلا

أبا جعفر جاريت كل معلم … ففت بنيه في طريقتك المثلا

ويا حضرة أضحى أبو جعفر بها … فكان لها أهلا وكانت له أهلا

بقيت كناسا للظباء ومربعا … جنابك لا يشكو عفاء ولا محلا