يا هلالا يا قضيبا يا رشا – لسان الدين الخطيب

يا هلالا يا قضيبا يا رشا … إن تبدى أو تثنى أو مشا

يا غزالا ورده في أدمعي … كلما شاء ومرعاه الحشا

قد فشا فيك هيامي في الورى … وهو لولا دمع عيني ما فشا

ولكم آثرت كتمان الهوى … غير أن الدمع بالسر وشا

كيف بالكتمان يوما لامرىء … سره في خده قد نقشا

أو بسلوان لمن في رية … جمسه والقلب في وادي الأشا

خذ فؤادي لك مني هبة … حرة وافعل بقلبي ما تشا

بعت فيك النوم بالسهد فلا … فرق عندي بين صبح وعشا

كم ليال بت في ظلمائها … أمتطي من نار شوقي فرشا

كلما صحت بها واكبدي … مادت الأرض لما بي دهشا

وكأن النجم شرب ثمل … واصل الثملة حتى ارتعشا

وكأن الصبح في الليل وقد … ملأ الأرجاء مما جيشا

ثائر راقب منه فرصة … ثم لما أمكنته بطشا

وتخال الأفق ثغرا قاصيا … غلب الروم عليه الحبشا

ملئت من جوهر الدمع يدي … عجبا أقبل في قلبي الرشا

وجرى من ماء عيني نهر … حين أرسلت دموعي مجهشا

فاعجبوا من جوهر لا يقتنى … ولنهر ليس يروي عطشا

يا نديمي فؤادي كلما … نفحت ريح النعامى انتعشا

آنسا قلبي بتذكار الحمى … فالحمى من أهله قد أوحشا

صاع يوم البين قلبي فانجثى … بين أخفاف المطايا وانبشا

وامزجاها قهوة عطرية … كرمت كرما وطابت عرشا

فإذا أبصرها ذو قرة … ظنها بالبعد نارا فعشا

وإذا قبلها شاربها … قطب الوجه لها وانكمشا

فسلا الساقي الذي أترعها … حببا أودعها أوحنشا