هل كنت تعلم في هبوب الريح – لسان الدين الخطيب

هل كنت تعلم في هبوب الريح … نفسا يؤجج لاعج التبريح

أهدتك من شيح الحجاز تحية … غاضت بها غرض الفجاج الفيح

بالله قل لي كيف نيران الهوى … ما بين ريح بالفلاة وشيح

وخضيبة المنقار تحسب أنها … نهلت بمورد دمعي المسفوح

فاحت بما تخفي وناحت في الدجى … فرأيت في الآماق دعوة نوح

نطقت بما يخفيه قلبي أدمعي … ولطالما صمتت عن التصريح

عجبا لأجفاني حملن شهادة … عن خافت بين الضلوع جريح

ولقبل ما كتبت رواة مدامعي … في طرتيها حلية التجريح

جاد الحمى بعدي وأجراع الحمى … جود تكل به متون الريح

هن المنازل ما فؤادي بعدها … سال ولا وجدي بها بمريح

حسبي ولوعا أن أزور بفكرتي … زرواءها والجسم رهن نزوح

فأبث فيها من حديث صبابتي … وأحث فيها من جناح جنوحي

ودجنة كادت تضل بني السرى … لولا وميضا بارق وصفيح

رعشت كواكب جوها فكأنها … ورق تقلبها بنان شحيح

صابرت منها لجة مهما ارتمت … وطمت رميت عبابها بسبوح

حتى إذا الكف الخضيب بأفقها … مسحت بوجه للصباح صبيح

شمت المنى وحمدت إدلاج السرى … وزجرت للآمال كل سنيح

فكأنما ليلى نسيب قصيدتي … والصبح فيه تخلصي لمديح

لما حططت لخير من وطيء الثرى … بعنان كل مولد وصريح

رحمى إله العرش بين عباده … وأمينه الأرضى على ما يوحي

والآية الكبرى التي أنوارها … ضاءت أشعتها بصفحة يوح

رب المقام الصدق والآي التي … راقت بها ورقات كل صحيح

كهف الأنام إذا تفاقم معضل … مثلوا بساحة بابه المفتوح

يردون منه على مثابة راحم … جم الهبات عن الذنوب صفوح

لهفي على عمر مضى أنضيته … في ملعب للترهات فسيح

يا زاجر الوجناء يعتسف الفلا … والليل يعثر في فضول مسوح

يصل السرى سبقا إلى خير الورى … والركب بين موسد وطريح

لي في حمى ذاك الضريح لبانة … إن أصبحت لبنى أنا ابن ذريح

وبمهبط الروح الأمين أمانة … واليمن فيها والأمان لروحي

يا صفوة الله المكين مكانه … يا خير مؤتمن وخير نصيح

أقرضت فيك الله صدق محبتي … أيكون تجري فيك غير ربيح

حاشا وكلا أن تخيب وسائلي … أو أن أرى مسعاي غير نجيح

إن عاق عنك قبيح ما كسبت يدي … يوما فوجه العفو غير قبيح

واخجلتا من حلبة الفكر التي … أغريتها بغرامي المشروح

قصرت خضاها بعدما ضمرتها … من كل موفور الجمام جموح

مدحتك آيات الكتاب فما عسى … يثني على علياك نضم مديحي

وإذا كتاب الله أثنى مفصحا … كان القصور قصار كل فصيح

صلى عليك الله ما هبت صبا … فهفت بغصن للرياض مرووح

واستأثر الرحمن جل جلاله … عن خلقه بخفي سر الروح