هلْ أنتِ فادية ٌ فؤاد عميد – عبدالجبار بن حمديس
هلْ أنتِ فادية ٌ فؤاد عميد … من لوعة ٍ في الصّدْرِ ذاتِ وَقُودِ
أم أنتِ في الفَتَكَاتِ لا تخشينَ في … قتلِ العبادِ عقوبة َ المعبود
إن كان لا تنبو سيوفكِ عن حشا … صبٍّ فليس حدادها بحديد
قلْ كيف تعطفُ بالوصال لعاشق … من لا تجودُ له بِعَطْفَة ِ جيد
لو بتّ مغتبقاً مدامة َ ريقها … لخشيتُ صارمَ جفنها العربيد
إن شئتَ أن تطوي على ظمأٍ فَرِدْ … ماءَ المحاسن فوْقَ وَجنَة ِ رُود
غيداءُ يُسْقِمُ بالملاحة ِ دَلُّهَا … جسمَ العميد، كذاك دلّ الغيد
كَتَبَتْ لها وصلاً إشارة ُ ناظري … فمحاهُ ناظرُ طرفها بصدود
ولقد يَهيجُ لِيَ البكاءَ صبابة ً … شادٍ مطوَّقُ آلة ِ التّغرِيد
باتت سواري الطلّ تضرب ريشهُ … بجواهرٍ لم تَدْرِ سِلْكَ فريد
غنى على عودٍ يميس به كما … غنى التقابل معبدٌ في العود
والليل قوّضَ رافعاً من شبهه … بيضَ القباب على نجائب سود
والصبحُ يلقط من جُمَانِ نجومِهِ … ما كانَ في الآفاقِ ذا تبديد
زَهْرٌ خَبَتْ أنوارُهَا فكأنَّها … سرجُ المشاكي عولجت بخمود
كأزاهر النوار تقطفها مهاً … من كلّ مخضرِّ البقاع مَجُود
كأسِنَّة ٍ طعَنَتْ بها فرسانُها … ثم امتسكن عن القنا بكبود
كعيون عُشَّاقٍ أباحَ لها الكرى … مَنْ كان عَذَّبَهُنّ بالتسهِيد
والصبحُ يبرقُ كرّة ً في كرّة ٍ … مثلَ استلالِ الصارِمِ المغمود
وتفرّقت تلك الغياهبُ عن سنا … فلقٍ يُفلّقُ هامها بعمود
إني خبرتُ الدهر خُبْرَ مُجَرِّبٍ … وكلمتُ غاربهُ بحملِ قتود
فالحظّ فيه طَوْعُ كَفّيْ مُظْلِمٍ … بالجهل، من نور العلوم بليد
والحمدُ في الأقوام غير مُسلَّمٍ … إلاّ لأحمدَ ذي العلى والجود
من لا يجود على العفاة ِ بطارفٍ … حتى يجودَ عليهم بتليد
خرقَ العوائد منه خِرقٌ، سيبهُ … ثرُّ الغمائم مورقُ الجلمود
يأوي إلى شرفٍ تقادمَ بيته … أزمانَ عادٍ في العلى وثمود
مترددٌ في ساميات مراتبٍ … والبدرُ في الأبراج ذو تغريد
كالشمسِ يَبْعُدُ في السماء محلَّها … وشعاعها في الأرض غيرُ بعيد
يلقى وجوهَ المعتفين بغُرّة ٍ … بسَّامة ٍ ويدٍ تَسُح بجود
ما زال يشردُ عِرْضُهُ عن ذَمّة ٍ … وعطاؤه بالمطل غيرُ شريد
في ربعه روضٌ مَرُودٌ خِصْبُهُ … أبداً مُصاقِبُ منهلٍ مورود
وكأنَّما لِلّيْلِ فيه مدارجٌ … عند التقاء وفودِهِ بوفود
سبقَ الكرامَ وأقبلوا في إثره … كسنان مُطّردِ الكعوب مديد
متصرّفُ الكفّيْنِ في شُغُلِ العُلى … لم يخلُ من بذلٍ ومن تشييد
والمجدُ لا تُعْلِي يَداك بنَاءَهُ … إلاَّ بمالٍ بالندى مهدود
يا ابن السيادة والرياسة والعلى … وعظيم آباءٍ، عظيم جدودِ
خُذْهَا كمنتظم الجمانِ غرائباً … تُروي قصيدتها بكلّ قصيد
نِيطَتْ عليك عقودهُما ولطالما … نُظِمَتْ لأجيَادِ الملوك عقودي