هجاني النغيل وما خلتني – البحتري

هَجَاني النّغيلُ، وَما خِلْتُني … أخَافُ هِجَاءَ أبي حَرْمَلَهْ

وَقَد كُنتُ أُطْنِبُ في وَصْفِهِ، … وَتثْبيتِ نِسْبَتِهِ المُشْكِلَهْ

أُرَجّي تَلَوّنَهُ بالصّفَاءِ، … وَألْقَى قَطيعَتَهُ بالصّلهْ

أرَاهُ وَفِيّاً، وَأنْى لَهُ … وَفَاءٌ، إذا كانَ لا أصْلَ لَهْ

فَلا تَحمَدَنْ مِنْ أخٍ آخِراً، … إذا أنْتَ لَمْ تَخْتَبِرْ أوّلَهْ

فإنْ يَكُ أخْلَفَ ظَنّي بِهِ، … وَحَالَ عَنِ العَهْدِ أوْ بَدّلَهْ

فَمَا كُنتُ أوّلَ مَنْ فَاتَهُ، … لدى صَاحبٍ، بعضُ ما أمّلَهْ

ألَمْ أختَصِصْكَ بِما قَدْ عَلِمْـ … ـتَ منَ الوِدّ، وَالمِقةِ المُكمَلَهْ

وَأسْألُ فيكَ أبا صَالِحٍ، … وَما كانَ حَقُّكَ أنْ أسْألَهْ

أُخَبِّرُ أنّكَ مُسْتَوْجِبٌ … لِلُطْفِ المَحَلّةِ، وَالمَنْزِلَهْ

وكانَ جَزَائيَ مَا قَدْ عَلِمْـ … ـتَ وَما لم يكنْ لكَ أن تَفعَلَهْ

أرَاكَ رَجَعْتَ إلى جَدّكَ الـ … ـشّرِيفِ، وَقِصَّتهَِ المُعْضِلَهْ

وَمَسرَاهُ في بَطنِ قَوْصَرَهْ، … مخرَّقةِ الخُوصِ، مُستَعمَلَهْ

إذا اسوَدّ من خَلفِ تَشبيكِها، … تَوَهّمتَهُ الطَّنّ في الدّوْخَلَهْ

فَلِلّهِ هَيئَتُهُ مصبِحاَ، … وَقَدْ وَجَدُوهُ عَلى المَزْبَلَهْ

يُعَبّي الذُّبَابُ كَرَاديسَهُ، … فتَغْشَاهُ قُنْبُلَةٌ قُنبُلَهْ

هُنالِكَ لَوْ تَدْعيهِ قُشَيرٌ … لَمَا خُيّلَتْ أنّها مُبْطِلَهْ