أريحيات صبوة ومشيب – البحتري

أريحيات صبوة ومشيب … من سجايا الأريب شيء عجيب

وبكاء اللبيب بعد ثلاث … وثلاثين في البطالة حوب

فالندا بالرحيل حين ينادى … بحلول على الشباب مشيب

إن ليلا تبسم الصبح فيه … عن زوال الظلام عنه قريب

طالما قد سحبت ذيل التصابي … ورداء الشباب غض قشيب

لعباً يستدر خف شبابي … حلب الدهر زينب ولعوب

والغواني وإن غنين عفافاً … يطبيهن منه حسن وطيب

فمتى شئت مال منها قضيب … ومتى شئت هال منها كثيب

ولكم مقلة لذات دلال … مقلتني بالود وهي عذوب

كنت إنسانها فصرت قذاها … من لها بالشباب وهو رطيب

وعيون مزجن في ركايا … من ركايا الشؤون وهي الغروب

مرهت للنوى فلما رأتني … كحلتها نحافة وشحوب

نكبات عضضن حرا كريما … طاب فاستعذبته عضا نكوب

لنيوب الزمان فيه صريف، … وبه من عضاضهن ندوب

ثم أبقت بزعمها لي عودا … عجمته الخطوب وهو صليب

وأخلاء عزمتي، عنتريس … وزماع ورحلة ودؤوب

فإذا الغانيات أنكرن شخصي … عرفتني فدافد وسهوب

وعزيم تخب بابن عزيم … جاذباه الإدلاج والتأويب

فإلى العيس مفزعي والفيافي … كلما هزني الزمان العصيب

وسراجي روية أرياني … من إليه أنحو وعمن أؤوب

من بجدواه من صروف الليالي … فقئت أعين وفلت نيوب

من إذا قلت: يا أبا زكريا، … سالمتني الأيام وهي حروب

أرد البحر لا الثماد، فمثلي … لا يرويه جدول وقليب

قد أهاب الرجاء بـ بابن المعلى … بلسان القريض وهو خطيب

لفتى سؤود له نفحات … يعتفيها المحروب والمكروب

نفحات يعدن بعد شماس … ريض الدهر وهو عود ركوب

لعيون الخطوب بعد شماس … ولقلب الزمان منها وجيب

وجدير بأن تلبيك منه … غدر جمة وروض عشيب

فهو في هامة العلا حيث يأوي … من منادي الندى قريب مجيب

وذراه فيه الحميم سواء … حين يعفوه والنزيع الجنيب

مألف للغريب ما فيه إلف … من وفود العفاة إلا الغريب

يرتجى من يمينه ما يرجى … من يمين الحيا مكان جديب

عارض صوبه حجى وعفاف، و … ونوال من اللجين صبيب

يمتريه الثناء والمجد ما لم … تمر أطباء ما يليها الجنوب

وحبيب إذ قال، وهو مروق: … ديمة سمحة القياد سكوب

لو رأت عينه حيا كف يحيى … لم ترقه الغيوث وهي تصوب

مستخف يمد كفيه علما … أن للدهر نائبات تنوب

فيميناه: جعفر وسعيد … وهما تارة شرى وشبيب

وعديم الغريب طوراً ذعاف … شيب بالصاب وهو طوراً ضريب

وبعين الوفاء والمجد فيه … كل هذاك أنه لا يحوب

وإذا المشكلات ضافت ذراه … وعزته حوادث وخطوب

تفرها تي و تلك هبة رأي، … يخطئ المشرفي وهي تصيب

ما عليه ألا يكون حساماً … وله في الخطوب ذاك الهبوب

كل يوم ترى سماحاً وبأسا … مكرمات، ويحلو بها ويطيب

وفعال إلى قلوب المعالي … وقلوب الآمال منه حبيب

وإذا عارض المنية أوفى … وبنوها يبلهم شؤبوب

وأرتك الهيجاء منهم غروراً … لنجوم الرماح منها وجوب

قام فيها بحجة البأس عنه … ذكر مرهف وباع رحيب

فبدت بي إليك يابن المعلى … همة همة ودهر نكوب

في بلاد ترى الكريم أكيلا … ثم للجدب والزمان خصيب

ريب هذا الزمان فيه عضوض … ومحيا الزمان عنه قطوب

قد شكونا إليك شكوى شكاها … عام محل إلى الغمام جدوب

ورضينا بحكم غيثك فيها … أنه صائب، وأنت مصيب