هات الحديث عن الركب الذي بانا – لسان الدين الخطيب
هات الحديث عن الركب الذي بانا … هل جاوز الشعب أم هل يمم البانا
أحبابنا إن نأت يوما دياركم … عنا فما زلتم بالقلب سكانا
إذا دعتنا إلى السلوان بعدكم … نفوسنا قامت الأشواق تنهانا
في ذمة الله أحباب لنا ارتحلوا … دانوا محبهم مثل الذي دانا
فإن شكونا إليهم ما نكابده … شكوا من البعد عنا مثل شكوانا
يا نسمة الريح من تلقاء أرضهم … جرر على الطيب أذيالا وأردانا
واقر السلام على من لست أذكره … وإن كنيت بهند عنه أحيانا
اسأله أين عهود بيننا أخذت … كأن ما كان منه قط ما كانا
وقل له أنت روحي يا معذبه … فلا أرى عنك طول الدهر سلوانا
قد صار دمعي بحرا في محاجره … وأصبت وسطه الأجفان أجفانا
ما رأى يا منى نفسي وبغيتها … إنسان عيني لما غبت أعيانا
قد كان وصلك يوما ليس يقنعي … فصار يقنع قلبي ذكرك الآنا
يا سامعين من العذار إفكهم … بالله لا تسمعوا زورا وبهتانا
يا صاح لا تبك عهدا للوصال مضى … عنا حميدا وأوطارا وأوطانا
هون عليك فما الشكوى بنافعة … وكل صعب إذا هونته هانا
وانظر إلى الروض إذ هبت محدرة … طلائع الريح كيف اهتز وازدانا
وجرد الماء من عهد الظلال به … سيفا من الجدول المسلول عريانا
وأوتر القوس في آفاقه قزح … يرمي قد راح أنهارا وغدرانا
وأرسل الغيم نبلا من سحائبه … أدمى بغيثها وردا ونعمانا
فهاتها كشعاع الشمس مشرقة … كأن في الكأس ياقوتا وعقيانا
واشرب على نغمة الأوتار مصطحبا … وبح بسر الهوى ولا تبق كتمانا
واركض إلى اللهو أفراس الصبا مرحا … إذا وجدت لخيل اللهو ميدانا
ولا تضع فرص اللذات إن لنا … ربا كريما يقيل الذنب غفرانا
وكيف نرهب من خطب ألم بنا … يوما ويوسف بعد الله مولانا