نَسيمُ الصَّبا أَهدى إلى القلب ما أهدى – عبدالغفار الأخرس

نَسيمُ الصَّبا أَهدى إلى القلب ما أهدى … وقد حملتْ أرواحها الشيحَ والرندا

ولي كَبدٌ حرَّى لعلّي أرى بها … بريّا نسيمٍ مرَّ بي سحراً بردا

فأَصْبَحتُ أذري الدمع فذّاً وتَوْأماً … تخذُّ على خدَّيَّ حينئذ خدّا

كأَنّي کعْتَصَرْتُ المعصرات بأَعْين … نثرنَ غداة َ البين من لؤلؤ عقدا

فما بلَّ ذاك الدمع منّي حشاشة … أبى الله إلاَّ أنْ تضرّم لي وقدا

ولام أُصَيْحابي فؤاداً متيَّماً … فما نَفَعَ اللومُ الفؤادَ ولا أجدى

ذكرتُهم والدمع يجري فلم أكنْ … مَلَكْتُ لذاك الدمع يوم جرى ردّا

وبتُّ أداري مهجة ً لم أجِدْ لها … خَلاصاً من الأشجان يوماً ولا بُدَّا

وقلتُ لسعدٍ دَعْ ملامَك في الهوى … فمن زادني لوماً فقد زادني وجدا

يُهَيّجُ وَجْدي وهو غير مساعدي … وما أنا لاقٍ منه إنْ لامني سعدا

يقولَ اصطبر عمَّن تحبّ وإنّني … يريني الهوى من دون ما قاله سدّا

و لاتشمِ البرق ايماني فإنَّه … متى لاح أوْرى في حشاشتك الزندا

وإيّاك إيّاك الصَّريم وأهلهَ … فإنّ الظباءَ العُفْرَ تقتنص الأُسدا

وهل نافعٌ ما قال من بعد ما رمى … لعينيه ريم الجزع سهم الردى عمدا

بنفسي الغزالُ القانصي بلواحظٍ … من السّحرِ مرضى تمنع الأسدَ الوردا

إذا ما رَمَيْن القلبَ سهماً أَصَبْنَه … كأنْ قَصَدَتْ في قتل عاشقها قصدا

به أربي يا هل ترى هذه النوى … تُبَدّلُنا بالقرب من بُعدِها بعدا

أرى النفس لا تهوى سوى من تَوَدُّه … ولم تتكَّلفْ مهجة ُ الوامق الودّا