نحن أرينا الباهلية ما شفت – الفرزدق
نَحْنُ أرَيْنَا الباهلِيّةَ ما شَفَتْ … بِهِ نَفْسَهَا مِنْ رَأسِ ثَأرٍ مُعَلَّقِ
حَمَلْنَا إلَيْها مِنْ مُعَاوِيَةَ الّتي … هيَ الأمّ، تَغْشَى كلَّ فَرْخِ مُنَقِنقِ
وَنَحْنُ أزَحْنا عَنْ خُوَيْلَةِ جَحدرٍ … شَجاً كانَ منها في مكانِ المُخَنَّقِ
وكانَتْ إذا ابْنا مِسْمَعٍ ذُكِرَا لَها … جَرَتْ دُفَعٌ مِنْ دَمْعِها المُتَرَقرِقِ
فَساغَ لها بَرْدُ الشّرَابِ، ولمْ يكُنْ … يَسُوغُ لهَا في صَدْرِها المُتَحَرِّقِ
أتَتْها، وَلا تَمشِي، ثَمانُونَ لحيَةً … جَماجِمُها مِنْ مُخُتَلىً وَمُفَلَّقِ
فكائِنْ بقَنْدابِيلَ مِنْ جَسَدٍ لهُمْ، … وَبالعَقِرِ من رَأسٍ يُدهدى ومَرْفَقِ
يُدهْدى مِنَ الحِصْنِ الذي سَرِعوا به … إلى الأرْض شَتى من قَتيلٍ وَمُرْهَقِ
فَما مِنْ بَلاءٍ أوْ وَفَاءٍ سِوَى الّتي … فَعَلْنَا بِقَنْدابِيل إذْ نَحنُ نَرْتقي
إلَيْهِمْ، وَهُمْ في سُورِها، بسُيُوفِنا … وَعَسّالَةٍ يَخْرِقْنَهُمْ كلَّ مَخرَقِ
فإنْ يَكُ قَتْلٌ بابنِ أرْطَاةَ شافِياً … وَمُرْقىءَ عَينٍ، دَمْعُها ذو تَرَقرُقِ
فَلَمْ يُبْقِ مِنْ آلِ المُهَلَّبِ ضَرْبُنا … بكُلّ يَمانٍ ذِي حُسامٍ وَرَوْنَقِ
لَهُمْ غَيرَ أنْوَاحٍ قِيَامٍ نِسَاؤهَا … إلى جَنْبِ أجْسادٍ عُرَاةٍ وَدَرْدَقِ
وَذاتِ حَليلٍ أنْكَحَتها رِمَاحُنَا … حَلالاً لِمَنْ يَبْني بِهَا لمْ تُطَلَّقِ
وَكانَتْ أثَافي قِدْرِنَا رَأس بَعْلِها، … وَعَمّيْهِ في أيْدٍ سَقَطَنْ وَأسْوُقِ
ألَمْ تَرَ أنّا بِالمَشاعِرِ يُهْتَدَى … بِنا، ولَنَا مَجدُ الفَخُورِ المُصَدَّقِ
أبي مُضَرٌ مِنْهُ الرّسُولُ الذي هدى … به الله مَنْ صَلّى بغْرْبٍ وَمَشْرِقِ
إذا خِنْدِفٌ بالأبْطَحَينِ تَغَطْرَفَتْ … وَرَائي وَقَيْسٌ ذَيّلَتْ بالمُشَرَّقِ
فَما أحدٌ إلاّ يَرَانَا أمامَهُ … وَأرْبَابَهُ مَنْ فَوْقِهِ حِينَ نَلْتَقي
وَمَنْ يَلْقَ بَحْرَيْنا، إذا ما تَناطَحا … بخِنْدِفَ أوْ قَيسِ بنِ عَيلانَ، يَغرَقِ
هُمَا جَبَلا الله اللّذَانِ ذُرَاهُمَا … معَ النّجْمِ في أعْلى السّماءِ المُحَلِّقِ
فَتَحْنَا بإذْنِ الله كُلَّ مَدِيِنَةٍ … مِنَ الهِندِ أوْ بابٍ من الرّومِ مُغْلَقِ