محا نور النواظر والعقول – البحتري

مَحَا نُورَ النَّواظِرِ والعُقولِ … أُفُولُكَ ، والبُدورُ إِلى أُفُولِ

ومنْ جَلَلِ الخُطوبِ نِعِيُّ ناعٍ … أَتَانَا عَنْكَ بالخَطْبِ الجَليلِ

هُوَ النَّبأُ العَظِيمُ ، وَكَمْ بأَرْضٍ … أُسِيلَ دَمٌ على خَدٍّ أَسِيلِ

أَيَوْمَ مُحمَّدٍ لم تُبْقِ سُؤْلاً … ولاَ أَمَلاً لِذِي أَملٍ وسُولٍ

فَكَمْ أَذْلَلْتَ مِنْ رَجُلٍ عَزِيزٍ … وكَمْ أَعزَزْتَ من رَجُلٍ ذَلِيلِ

وَلَمْ يكُ سَيَّداً لَوْ كَانَ قَيْلاً … تُغَضُّ لَدَيْهِ أَبْصارُ القُيًولِ

وما رَاحتْ بهِ النَّكْبَاءُ حَتَّى … دَعَا دَاعِي المَكارِمِ بالرَّحِيلِ

وكَمْ من حُرِّ وَجْهٍ فاطِمِيٍّ … جلَوْتَ وَكَانَ كالرَّسْمِ المُحِيلِ

وَمنْ عَظْمٍ كَسِيرٍ أَبْطَحِيٍّ … جَبرْتَ بِنَائلٍ غَمْرٍ جَزِيلِ

أَعَيْنَ السَّلسبِيل ، سَقاكِ جُوداً … كَجُودِكِ منْ عُيُونِ السَّلْسَبيلِ

عَدَتْكَ مَحبَّةٌ زَادَتْكَ حُبًّا … إِلى الصَّلَوَاتِ والسُّنَنِ العُدُولِ

ولَمَّا لَمْ نَجِدْ دَرَكاً لِثاوٍ … وَجَلَّ المَوْتُ عَنْ طَلَبِ الذُّحُولِ

رَدَدْنَا البِيضَ في الأَغْمادِ يَأْساً … وَأَطْلَقْنَا المَدَامِعَ لِلغَلِيلِ

ورُحْنا حَوْلَ شَرْجَعِهِ كَأَنَّا … نَشَاوَى رَائِحُونَ مِنَ الشَّمُولِ

نَغُضُّ لَهُ النَّوَاظِر وَهْوَ مَيْتٌ … لِهَيْبَتِهِ ونُخْفِضُ مِنْ عَوِيلِ

حَيَاءً مِنْ صَنَائعهِ اللَّواتي … أَخَذْنَ لَهُ مَوَاثِيقَ العُقُولِ