ما لي لا يرحمني من أرحمه – البحتري

مَا ليَ لا يَرْحَمُنِي مَنْ أَرحَمُهْ … يَظْلِمُ بالهِجْرانِ مَنْ لا يَظْلِمُهْ

يُخْطِىءُ سَهْمِي ، وتُصِبيبُ أَسْهُمُهْ … وَإِنَّما أَسْقَمَ قَلْبِي مُسْقِمُهْ

أَسْلَمَهُ لِلزَّعْفَرَانِ مُسْلِمُهْ … أَحْسَنُ مَنْ تَحْمِلُ نَعْلاً قَدَمُهْ

لكِنَّهُ يَصْرِمُ مَنْ لا يَصْرِمُهْ … يُهِينُهُ طَوْراً ، وطَوْراً يُكْرِمُهْ

وتَارَةً يَرْزُقُهُ ويَحْرِمُهْ … بَدْرٌ بَدَا فانْجَابَ عَاْهُ ظُلَمُهْ

وَإِنَّما لُؤْلُؤَةٌ تَبَسُّمُهْ … مَا غَرَّ دَهْراً رابَنِيِ تَغَشُّمُهْ

وكانَ لا يَهْدِمُني وأَهْدِمُهْ … أَيَّامَ لِي مُبْشَرُهُ ومُؤْدَمُهْ

أَيَّامَ رأسِي كالغُرابِ أَسْحَمُهْ … يُتيِّمُ الرِّيمَ ولا يُتَيِّمُهْ

ورُبَّما زَلَّتْ بِحُرٍّ قَدَمُهْ … والحُرُّ لا يأَخُذُ منهُ عَدَمُهْ

ولا يَزِيدُ فِي اللَّئيمِ دِرْهَمُهْ … ومَهْمَهٍ مِثْلِ الفَنِيقِ عَلَمُهْ

يصْدَحُ فِيهِ هامُهُ وبُوَمُهْ … وقد تَرَدَّى بالسَّرابِ أَكَمُهْ

يَلْطِمُنَا عِفْرِيتُهُ ونَلْطِمُهْ … واللَّيلُ غِرْبِيبُ القَمِيصِ أَدْهَمُهْ

إِلى الإِمامِ لا تجُفُّ قُذُمُهْ … مِنْ عاجِلٍ أَو آجِلٍ يُقَدِّمُهْ

إِنَّ أَبا إِسحاقَ عَمَّتْ نِعَمُهْ … وجَعْجَعَتْ بالنَّاكِثِينَ نِقَمُهْ

خَلِيفَةٌ يَعْلَمُ ما لا نَعْلَمُهْ … نِيطَتْ بأَعْلَى النَّجْمِ قِدْماً هِمَمُهْ

وطابَ منهُ خِسمُهُ وشِيَمُهْ … لو كلَّمَ اللهُ إِماماً كَلِمُهْ

إِمامُ عَدْلٍ كُلُّ فَضْلٍ تَوْأَمُهْ … ثُمَّ حَكِيمٌ أَدَّبَتْنَا حِكَمُهْ

يُلْهَمُ ما كَانَ الرَّشيدُ يُلْهَمُهْ … قامَ بهِ الدِّينُ وقَامَتْ دُعُمُهْ

وصَالَحَ السِّمْعِ الأَزَلَّ غَنَمُهْ … يا ناصرَ الإِسلامِ أَنْتَ سَلَمُهْ

يُثْنِي عَلَيْكَ حِلُّهُ وحَرَمُهْ … ومِثْلَهُ حَطِيمُهُ وزَمْزَمُهْ

كم مِنْ عَدُوٍّ لَكَ مَطْلُولٍ دَمُهْ … يَرْعَى النُّجُومَ ، والنُّجُومُ تَرْجُمُهْ

أَنْتَ أَمِينُ اللهِ لا تُجَمْجمُهْ … وفي الحَدِيثِ والقَدِيمِ كَرَمُهْ

وخَيْرُ بُنْيانِ المُلُوكِ أَقْدَمُهْ … والشَّامِخُ البَاذِخُ مِنْهُ قَشْعَمُهْ