ما ضر لو سلم أو ودعا – لسان الدين الخطيب

ما ضر لو سلم أو ودعا … من أودع القلب الذي أودعا

ضن برجع الطرف يوم النوى … هلا رعى عهدي كما أرعى

زم المطايا وتخلفني … أسأل عنها الطلل البلقعا

وصار لا يلوي على ظبة … يوما ولا يلوي لها أخدعا

وارتحل القلب على إثره … فصرت أبكيه وقلبي معا

نشدتك الله نسيم الصبا … إن جئت في تسيارك الأجرعا

فصرت في أغصانه ذبلا … وغدت من غدرانه أدرعا

عرج على الوادي كذا يسرة … وابلغ سلامي ذلك المربعا

وقل له إني مقيم على … ودي إذا أخلف أو ضيعا

يا سائلي كيف طعم الهوى … لله ما أحلى وما أفظعا

كأنما في أضلعي بارق … يهفو إذا ما صادح رجعا

كأنما دمعي إذا استنصرت … لواعج الشوق به أسرعا

وضمر الشقر على وجنتي … تصنع ما شاءته أن يصنعا

جيش بني نصر ملوك الورى … قوما إذا الداعي لخطب دعا

خلائف مجدهم أقدم … سما جلالا ونما تبعا

بيت على أس الهدى قائم … قد أذن الله بأن يرفعا

أملاك صدق جاهدوا في العدا … وصيروا أملاكها خشعا

فاستشهد الآثار في أرضها … تلف بكل ربوة مصرعا

إن بطش الدهر بقوم حموا … أو تعثر الأيام قالوا لعا

أوجئتهم في الجدب تبغي الندى … سحوا عليك السحب الهمعا

وإن خبرت القوم ألفيتهم … لله ما أهدى وما أروعا

في حومة الحرب أسود الشرى … وفي الظلام سجدا ركعا

كواكب الأرض وأنوارها … أضحى بهم مغربها مطلعا

كفاهم أن أنجبوا يوسفا … الأريحي الملك الأروعا

ملكا عميم الجود سح الندى … أجدى من الوابل أو أنفعا

ألف بالعدل قلوب الورى … وفرقت يمناه ما جمعا

يهوي إليه الوفد مستأنسا … من نازح الآفاق ما انتسا

حتى إذا ما أبصروا وجهه … صدق مرأى عندهم مسمعا

حاط بلاد الله من بعدما … هبت بها ريح العدا زعزعا

وابتهلت فيه قلوب الورى … والله جل اسما سميع الدعا

فصانها منه بماضي الظبا … إن هم أمضى أو همى أترعا

فجرد البيض وجر القنا … وجرع الأعداء ما جرعا

يا ناصر الدين وحامي الهدى … إن غاله خطب وإن روعا

مالي بما أوليك من مقول … وإن غدوت اللسن المسقعا

فاستقبل الأيام وضاحة … واجن جنى النصر فقد أينعا

واهنأ بنيروز مسراته … قد أصبحت أبوابها شرعا

دمت رفيع الملك سامي العلا … ما طاف بالبيت امرؤ أوسعا