لمن القوام السمهري سنانه – ابن القيسراني

لمن القوام السمهري سنانه … ما أرهفت من لحظها أجفانه

إن كان نازعك الهوى إنكاره … فمن الذي بعث الجوى عرفانه

ظبي صوارم مقلتيه أسنة … فبناظريه ضرابه وطعانه

لهج بكأس جفونه فقوامه … أبدا نزيف رحيقها سكرانه

كفلت سلافة خده عن صدغه … ألا يفارق وردها ريحانه

وبنفسي الرشأ المترجم طرفه … عن بابل هاروتها إنسانه

لا وصل إلا ما تجود به النوى … من طيفه فوصاله هجرانه

حكمته فقضى علي قضاؤه … وهوى الأحبة جائر سلطانه

أدمى جفون الصب صب دموعه … سعة وضاق بسره كتمانه

ضمن الفريق فراق أغصان اللوى … أفبينه ضمن الجوى أم بانه

يا فضل ما للفضل هيض جناحه … فبدت زمانته وضاع زمانه

قعد السماح به وكم من ناهض … ضاقت لبانته فضاق لبانه

ومخلف ما كان يبلغ شأوه … لو لم يكن بيد القضاء عنانه

ومروع سكنت خوافق أمنه … لولا جمال الدين عز أمانه

من نال قاصية المطالب جوده … والغيث ما عم الربى هطلانه

واستوعبت غرر الكلام فنونه … واستوسقت ثمر العلى أفنانه

أذكى الأنام إشارة وعبارة … ما المرء إلا قلبه ولسانه

ففروعه تنبيك عن أعراقه … وكفاك من خير النسيب عيانه

وإذا أردت محله من فارس … فترق حيث سما به إيوانه

شرف تفيأت الملوك ظلاله … وعلى على هماتها بنيانه

ما أغمدوا سيف ابن ذي يزن به … إلا تقاصر عندها غمدانه

جد تمكن في ذؤابة منصب … لو نالها العيوق جن جنانه

فليبت مال الملك من عزماته … طماح طرف كفاية يقظانه

يغدو عليه ثقيلة أكمامه … ويروح عنه خفيفة أردانه

لا تخدع الأهواء ثاقب رأيه … والرأي مملوك عليه مكانه

مستظهر بولاته فكفاتهم … نوابه وثقاتهم أعوانه

يعدوهم تأنيبه ويخصهم … تهذيبه ويعمهم إحسانه

وإذا انتضوا أقلامه لملمة … أبصرت من كتابه فرسانه

ميثاقه حرم لخائف بأسه … يغنيك عن أيمانه إيمانه

وقف الحساب عليه ركض إجابة … لا البرق يدركها ولا سريانه