للهِ سرُّ جمالٍ أنتَ موضعهُ – ابن سهل الأندلسي

للهِ سرُّ جمالٍ أنتَ موضعهُ … والسرُّ حَيْثُ يَشاءُ اللَّهُ يودِعُهُ

من كانَ يُنْكرُ أنّ الخَلْقَ جُمِّعَ في … شخصٍ فَفِيكَ بَيانٌ ليس يدفَعُهُ

فمنكَ في كلَّ عينٍ ما تقرُّ بهِ … و منكَ في كلَّ جأشٍ ما يروعهُ

إذا انْطَوَى لك قَلْبٌ فوقَ مَوْجدة ٍ … تبرأتْ منهُ أو عادتهُ أضلعهُ

للناسِ إن ركبوا نهجَ الفخارِ بنيـ … ـات الطريقِ ولابنِ الجدِّ مَهْيعُهُ

ما صورتْ لسوى التنويلِ راحتهُ … و لا لغيرِ استماعِ الحمدِ مسمعهُ

وجهٌ يُضيءُ ويُمنى سَيْبُها غَدِقٌ … كالبدرِ وافقَ فيضَ النيلِ مطلعهُ

كالغيثِ لكنهُ ريٌّ بلا شرقٍ … والغَيثُ قد يُشرِقُ الورَّادَ مَشْرَعُهُ

كالطلَّ لكن يردى النورَ لابسهُ … والظلِّ لا يقبلُ الأنوارَ موقِعُهُ

بِفِكرِهِ من مَصيفٍ شبَّ لفحتُهُ … و كفهِ من ربيعٍ ربَّ مربعهُ

زادتْ وزارتهُ إذ ثنيتْ شرفاً … مُزَوَّجُ الدُّرِّ أبهاهُ وأبْدعُهُ

إحداهُما صارِمٌ مِنْ فَوْقَ عاتِقِهِ … وأِخْتُها عَلَمٌ في الكفِّ يَرفعُهُ

أو هُدْبُ حُلّتِهِ في السلمِ يلبَسُها … و هذهِ في الوغى سردٌ يدرعهُ

أو تلكَ مغفرُ عزٍ فوقَ مفرقهِ … و تلكَ تاجٌ معاليهِ ترصعهُ

مَنْ عَزْمُهُ لِصُدوعِ الحقِّ يَجبرها … و رأيهُ لظلامِ الشكّ يصدعهُ

فذاكَ بابٌ إلى الإرشادِ يَشْرَعُهُ … و ذا سنانٌ إلى الإلحاد يشرعهُ

كم ماكرٍ بطلتْ عن ذاك خدعتهُ … وذِي عتوٍّ بهذا لأنَ أخْدعُهُ

وكَمْ مكانٍ مِنَ العَلْياءِ يَفْرَعُهُ … بذا وكمْ نظرٍ عنْ ذا يفرعهُ

فإنْ رمى قرطستْ بالسهمِ نزعتهُ … و إنْ رأى صادفَ التوفيقَ منزعهُ

تنبو المضاجعُ عنهُ في الدجى سهراً … ليطمئنَّ بجنبِ الدِّينِ مَضْجِعُهُ

فلا الكثيرُ منَ الدنيا يشاغلهُ … و لا الكفافُ منَ العلياءِ يقنعهُ

لطَابَ نَفسُ أميرِ المؤمِنينَ ولَمْ … يدعْ لصوتِ الهدى الداعي تورعهُ

لمّا تحرَّكَ يأجوجُ النّفاقِ بنى … لَهُ سدادُكَ سدّاً لا يضعضعُهُ

لو أعربتْ طاعة ٌ عن طائعٍ شهدتْ … بأنها لكَ طوقٌ ليسَ تخلعهُ

ولو تُشَقُّ عن المنصورِ تُرْبَتُهُ … أثنى عَلَيكَ لعَهْدٍ لا تضيِّعُهُ

حفظتَ للحافظِ المرحومِ سيرتهُ … و الأصلُ إن طابَ طابتْ عنه أفرعهُ

رجاحة ٌ عصتِ الغاوينَ نبعتها … و نائلٌ طاوعَ العافينَ منبعهُ

شيدتَ عهدك فالتقوى دعائمهُ … و اشتقَّ منهُ بناءٌ ظلتَ تصنعهُ

فالعهدُ أكرمُ منويٍ وأوثقهُ … و الدارُ أسعدُ مبنيٍ وأرفعهُ

أنْتَ الذي أُسِّسَتْ بالصدق بَيعتهُ … كمثلِ ما أسستْ باليمنِ أربعهُ

ما بالبناءِ اضطرارٌ أن تحسِّنَهُ … سكناكَ يملأهُ حسناً ويوسعهُ

منازلُ البدرِ لا تحتاجُ تحلية ً … فغرة ُ البدرِ فيها الحليُ أجمعهُ

أمّا الفَعالُ فمَا تأتِيهِ أشْرَفُهُ … أو الكَلامُ فشعري فِيكَ أبْدَعُهُ

تبرع النظمُ في يحيى وطاوعني … وَمِنْ بَراعة ِ مَمْدُوحي تبرُّعُهُ

راجيك مستشعرٌ حربَ الخطوبِ وما … غيرُ الخطابة ِ والأشعارِ مَفْزَعُهُ

لَوْ قادَ مِنْ فَقْرِهِ قَوْلاً يُفَقِّرُهُ … أوْ لوْ يشجعهُ لفظٌ يسجعهُ

و شيمة ُ الزمنِ المذمومِ تؤيسهُ … و عادة ُ السيد المحمودِ تطمعهُ

أيسلمُ المجدُ آمالي إلى قلمٍ … تنهلُّ لي رحمة ً في الطِّرْسِ أدْمُعُهُ

إلَيْكَ مرجعُ تأميلي فَكَيفَ ترى … تَخْييبَهُ ولأوفى الناس مَرْجِعُهُ

علقتُ أمداحكَ الحسنى على أذني … تمائماً منْ جنونِ العدمِ تمنعهُ