أما لك ترثي لحالة ِ مكمدِ – ابن سهل الأندلسي
أما لك ترثي لحالة ِ مكمدِ … فينسَخَ هَجرَ اليَوم وَصلُك في غدِ
أراكَ صرَمتَ الحبلَ دوني وطالما … أقمتُ بذاك الحبل مستمسكَ اليدِ
و عوضتني بالسخطِ من حالة ِ الرضا … ومن أُنْسِ مألوفٍ بحالة ِ مُفرَدِ
و ما كتنمُ عودتمُ الصبَّ جفوة ً … و صعبٌ ، على الإنسانِ ، ما لم يعودِ
طويتُ شغافَ القلب موسى على الأسى … وأغْريتَ بالتّسكابِ جَفنَ المُسهَّد
وما أنتَ إلاَّ فِتنة ٌ تَغْلِبُ الأُسى … وتفعَلُ بالألحاظِ فِعلَ المهنّد
و توجكَ الرحمنُ تاجَ ملاحة ٍ … وبهجة َ إشراقٍ بها الصبحُ يَهتدي
يميلُ بذاكَ القدَّ غصنُ شبابه … كميل ِ نسيم الريحِ بالغصنِ الندي
و يهفو فيهفو القلبُ عند انعطافه … فهَلاَّ رأى في العَطفِ سُنّة َ مُقتَد
أبى اللهُ إلاَّ أنَّ عزَّ جمالهِ … يسومُ به الأحرارَ ذلة َ أعبدِ
له الطَّولُ إن أدنى ولا لومَ إن جفا … على كلّ حالٍ فهوَ غيرُ مفند
أقولُ له والبينُ زمتْ ركابه … و قد راع روعي صوتُ حادٍ مغرد :
دنا عنكَ ترحالي ولا لي حيلة ٌ … إذا حِيلَ بينَ الزادِ والمُتزوِّد
وإني وإن لم يبقَ لي دونكم سوى … حديثِ الأماني موعداً بعد موعد
لأصْبرُ طَوعاً واحتِمالاً فَرُبما … صروفُ الليالي مسعداتٌ بأسعدْ
وأبعثُ أنفاسي إذا هبّت الصَّبا … تروحُ بتسليمي عليكَ وتغتدي