لقد كذب الحي اليمانون شقوة – الفرزدق
لَقَدْ كَذَبَ الحَيُّ اليَمانونَ شِقوَةً … بقَحطانِها، أحْرَارُها وَعَبيدُهَا
يَرُمُون حَقّاً للخِلافَةِ وَاضِحاً، … شَديداً أوَاسيها، طَوِيلاً عَمودُها
فإنْ تَصْبِرُوا فينَا تُقِرّوا بِحُكْمِنا، … وَإنْ عُدْتُمُ فيها فَسَوْفَ نُعيدُها
لَقَدْ كانَ، في آلِ المُهَلَّبِ، عِبْرَةٌ، … وَأشْيَاعِهِمْ لمْ يَبْقَ إلاّ شَرِيدُها
يُقَحّمُهمْ في السّند سَيفُ ابن أحوَزٍ، … وَفُرْسَانُهُ شُهْبٌ يُشَبّ وقُودُها
أُسُودُ لِقَاءٍ مِنْ تَمِيمٍ سَمَتْ لهمْ، … سَرِيعٌ إلى وَلْغِ الدّمَاءِ وَرُودُها
لَعَمرِي لقد عابوا الخلافةَ، إذ طغَوْا، … وفي يَمَنٍ عَبّادُهَا إذْ يُبِيدُها
فَمَا رَاعَهُمْ إلاّ كَتَائِبُ أصْبَحَتْ … تَدُوسُهُمُ، حتى أُنِيمَ حَصِيدُها
فصَارُوا كَمَنْ قد كان خالَفَ قبلهمْ، … وَمِن قَبلِهِمْ عادٌ عَصَتْ وَثمودُها
أبَتْ مُضَرُ الحَمْرَاءُ إلاّ تَكَرّماً … عَلى النّاسِ، يَعلو كلَّ جَدٍّ جدودُها
إذا غَضِبَتْ يَوْماً عَرَانِينُ خِنْدِفٍ … وَإخوَتُهُمْ قَيسٌ، عَلَيها حَديدُها
حَسِبْتَ بأنّ الأرْضَ يُرْعَدُ مَتْنُها … وَصُمُّ الجبالِ الحُمرُ مِنها وَسودُها
إذا مَا قَضَيْنَا في البِلادِ قَضِيّةً، … جَرَى بَينَ عَرْضِ المَشرِقَينِ برِيدُها
لَنَا البَحْرُ وَالبَرُّ اللّذانِ تَجَاوَرَا، … وَمَنْ فِيهِما من ساكِنٍ لا يَؤودُها
لَقَد عَلِمَ الأحياءُ في كُلّ مَوْطِنٍ … بِأنّ تَميماً لَيْسَ يُغْمَزُ عُودُها
إذا نُدِبَ الأحيَاءُ يَوْماً إلى الوَغَى، … وَرَاحَتْ مِنَ المَاذِيّ جَوْناً جُلودُها
عَلِمْتَ بِأنّ العِزّ فيهِمْ وَمِنْهُمُ، … إذا ما التَقَى الأقرَانُ ثارَ أُسُودُها
وَيَوْما تَميمٍ: يَوْمُ حَرْبٍ وَنَجدَةٍ، … وَيَوْمُ مَقَامَاتٍ تُجَرُّ بُرُودُها
كَأنّكَ لمْ تَعرِفْ غَطارِيفَ خِندِفٍ … إذا خَطَبَتْ فَوْقَ المَنَابِرِ صِيدُها
إذا اجتَمَعَ الحَيَّانِ قيسٌ وَخندفٌ … فَثَمَّ معدُّ هَامُها وَعَديِدُها
وَإنّ امرأ يَرْجُو تَميماً وعِزّهَا، … كَبَاسِطِ كَفٍّ للنّجومِ يُريدُها
وَمِنّا نَبيُّ الله يتلُو كتابهُ … بِهِ دُوّخَتْ أوثانهَا وَيَهُودُها
وماباتَ مِنْ قَوْمٍ يُصلّونَ قِبلةً … ولا غيرُهمْ إلاّ قُريشٌ تَقُودُها