لقد علمت وعلم المرء أصدقه – الفرزدق
لَقَدْ عَلِمْتُ وَعِلْمُ المَرْءِ أصْدَقُهُ … مَنْ عِنْدَهُ بالّذي قَدْ قالَهُ الخَبَرُ
أنْ لَيسَ يُجزِىءُ أمرَ المُشرِقَينِ مَعاً … بَعدَ ابنِ يُوسُفَ إلاّ حَيّةٌ ذَكَرُ
بَلْ سَوْف يَكْفيكَها باز تَغلّبَها، … لَهُ التَقَتْ بالسّعودِ الشمسُ والقمرُ
فَجَاءَ بَيْنَهُمَا نَجْمٌ إذا اجْتَمَعا … يُشْفَى بِهِ القَرْحُ وَالأحداثُ تُجتَبرُ
أغَرَّ، يَسْتَمْطِرُ الهُلاّكُ نَائِلَهُ، … في رَاحَتَيْهِ الدّمُ المَعْبُوطُ وَالمَطَرُ
فَأصْبَحَا قَدْ أمَاتَ الله دَاءَهُمَا، … وَقَوّمَ الدَّرْءَ مِنْ مِصْرَيْهِما عُمَرُ
حتى استَقامَتْ رُؤوسٌ كان يحمِلُها … أجْسادُ قَوْمٍ وَفي أعناقِهِمْ صَعَرُ
إنّ لآل عَدِيٍّ أثْلَةً فَلَقَتْ … صَفاةَ ذُبْيانَ لا تَدنُو لها الشّجَرُ
منها الثّرَى وَحصَى قَيسٍ إذا حُسبتْ … وَالضّارِبُونَ إذا ما اغرَوْرَقَ البَصرُ
فلا يُكَذَّبُ مِنْ ذُبْيانَ فَاخِرُها، … إذا القَبائِلُ عَدّتْ مَجدَها الكُبَرُ
أبَى لها أنْ تُدانيها إذا افْتَخَرَتْ … عِنْدَ المَكَارِمِ، وَالأحْسابُ تُبتدرُ
انّ لآلِ عَدِيٍّ، في أرُومَتِهِمْ، … بَيتَينِ قَد رَفعتْ مَجديهما مُضَرُ
بَيْتٌ لآلِ سُكَينٍ طَالَ في عِظَمٍ، … وَآلِ بَدْرٍ هُمَا كَانَا إذا افتَخَرُوا
بَيْتَينِ تَقْعُدُ قَيْسٌ في ظِلالِهمَا … حَيْثُ التَقَى عِندَ رُكنِ القِبلةِ البشرُ
اسمَعْ ثَنائي فإني لَستُ مُمْتَدِحاً … إلاّ امْرَأً مِنْ يَدَيْهِ الخَيْرُ يُنْتَظَرُ
وَأنْتَ ذاكَ الذي تُرْجَى نَوَافِلُهُ … عِندَ الشّتاءِ إذا ما دُوخلَ الحُجَرُ
وكَمْ نَمَاكَ مِنَ الآبَاءِ مِنْ مَلِكٍ … بهِ لذُبْيَانَ كَانَ الوِرْدُ وَالصّدَرُ
يا ابنَيْ سُكَينٍ إذا مَدّتْ حِبالُهُما … حَبْلَينِ مَا فيهِما ضَعْفٌ وَلا قِصَرُ
حَبْلَينِ طالا حِبالَ النّاسِ قَد بَلَغَا … حيثُ انتَهى من سَماءِ النّاظرِ النّظَرُ
يا بَني كَرِيمَيْ بَني ذُبْيَانَ إنّ يَداً … عَليّ خَيرُ يَدٍ، للدّهْرِ، تُدّخَرُ
أنْتَ رَجَائي بِأرْضِي، أنّني فَرِقٌ … مِنْ وَاسِطٍ وَالذي نَلقاهُ نَنْتَظِرُ
وَما فَرِقْتُ وَقَد كانَتْ مَحَاضِرُنَا … مِنْهَا قَرِيباً، حِذارِي وِرْدَها هَجَرُ
اسْألْ زِيَاداً ألَمْ تَرْجِعْ رَوَاحِلُنا، … وَنَخلُ أفْأنَّ، مِنّي بُعْدُهُ نَظَرُ