لقاء في الليل – إبراهيم ناجي

قالت تعال فقلت لبيكِ … هيهات أعصيْ أمرَ عينيكِ

أفديكِ مقبلةً على جزعِ … بسطت إليَّ يمينَ مرتجفِ

فتلفتّتْ كحبيس أشراكِ … وحكى اضطراب الموج نهداها

قلتُ اهدئي لم ثورة الندمِ … كفّاكِ ترتجفانِ يا أملي

وجذبتُها بذراعِها نمشي … نمشي وما ندري لنا غرضا

يا لحظة ما كان أسعدها … وهناءة ما كان أعظمها

كشفت لعينيْنا وقد ومضت … ظلين مقنعين في السورِ

وكأن ضحكتها وقد طربت … قطرات ماء فوق بلورِ

وكواكب ليست بمجدية … ظلم مكدسة وأحجارُ

عثرت بها فرفعتها بيدي … جسماً يكاد يشف في الظلمِ

وكأنني مما يسوء خلي … وحياتيَ انجابت حوالكُها

ملكتها الدنيا بما وسعتْ … وأنا أهامسها بأسراري

وكأن منها منذرا هتفا … بلغ المسير نهاية، فقِفا

وكأن ضحكتها وقد طربت … قطرات ماء فوق بلورِ

يا توأما من صدري انتزعا … يا من دعا قلبي له فسعى

عوذتها من شر أمسيةٍ … تعيا بها وتضل أبصارُ

لم أيها الداعي هواك دعا … والدهر يأبي أن نظل معَا

انظر ذراعيَّ اللذين هما … قد طوقاك مخافة البينِ

وكواكب ليست بمجدية … ظلم مكدسة وأحجارُ

أقسم بأنك عائدٌ لهما … إني لممدودُ الذراعينِ

عثرت بها فرفعتها بيدي … جسماً يكاد يشف في الظلمِ

ويرف مثل الزهر وهو ندى … ويخف مثل عرائس الحلمِ

وكأنني مما يسوء خلي … وحياتيَ انجابت حوالكُها

أرمي الطريق بناظريْ رجل … وأنا لها طفل أضاحكُها

ملكتها الدنيا بما وسعتْ … وأنا أهامسها بأسراري

وأسرها بحكاية وقعت … ورواية من نسج أفكاري

وإذا الطريق يسير منعطفا … وإذا رياح تضرب السدفا

وكأن منها منذرا هتفا … بلغ المسير نهاية، فقِفا

يا توأما من صدري انتزعا … يا من دعا قلبي له فسعى

لم أيها الداعي هواك دعا … والدهر يأبي أن نظل معَا

انظر ذراعيَّ اللذين هما … قد طوقاك مخافة البينِ

أقسم بأنك عائدٌ لهما … إني لممدودُ الذراعينِ