في يوم الشباب – إبراهيم ناجي

اليوم يومُك في الشباب فنادِ … لا نوم بعدُ. ولا شهيَّ رقادِ

قل للذي يبغي الصلاحَ لقومهٍ … بنبيل صنعٍ أو شريفِ جهادِ

بالطبِّ أو بالشعر أو بكليهما … كل الجهودِ فداءُ هذا الوادي

لا خير في قلمٍ اذا هو لَمْ يكنْ … حراً طهوراً كالشعاعِ الهادي

لا خير في طبٍّ اذا هو لم يزُرْ … ظلم الحياة كفرحةِ الأعيادِ

يا أيها الوطن الجريح وجرحه … بصميم كل حشاشة وفؤادِ

صبراً فنحن أساءتك الرحماء في الـ … ـبأساءِ قد جئنا بكل ضمادِ

قل للبناةِ المصلحين ألا اخلقوا … شم الذرى ورواسخَ الأطوادِ

جيلاً من النشء القوِي إذا مشوا … رفعوا الرؤوسَ بعزةٍ وعنادِ

لا خير في الأرواحِ تسكن منزلاً … متهدما رثاَ من الأجسادِ

لا خير في الأرواحِ تسكنُ موطناً … متخاذلاَ لا يرتجى لجلادِ

أبَكَتْ عيونُكم الضعيفَ يصير في … ناب القويِّ فريسةَ استعبادِ

فتبينوا اذنِ الحقيقَةَ واعلموا … ان الطبيعةَ هكذا من عادِ

الجوُّ ملكُ النسر يغشاه على … ما يشتهي والغابُ للآسادِ

مهلاً بني قومي أتيت مذكراً … في ساحةٍ مجموعة الأشهادِ

واخجلتا مما نقدمه إذا … حان الحسابُ وجاء يومُ معادِ

أي الصحائف في غد وحسابكم … في ذمةِ الأبناءِ والأحفادِ

أيّ البلاد هو السعيد وأهله … يتنابذون تنابذ الأضدادِ

كل يعيش لنفسِه في أمةٍ … شقيتْ بطولِ تفرقِ الأفرادِ

فخذوا السبيلَ إلى الحياةِ تآلفاَ … وتكاتفاً في رغبةٍ ووادادِ

خير الصحائف ما كتبتَ سطورَه … بيد الكفاح الحر لا بمدادِ

صونوا البلادَ وأدركوا فلاَّحَكم … كاد الحمى يغدو بغير عمادِ

حيران من مرضٍ إلى بؤسٍ الى … كربٍ تمر به بلاد تعدادِ

هذي ديارُكمُ وهذي شمسُكم … طمعُ الغريب وحرقةُ الحسادِ

ومن المصائب في زمانك أن ترى … بلداً كثير مناهل الروادِ

والخيرُ مدرارٌ عليه وربه … جوعان محروم الرعاية صادِ

والزرع نضر في الحقول وأهله … يتهيأون لمنجل الحصادِ…

هذا زمانكم وذا ميدانكم … ماذا بكم من عدة وعتادِ؟..

نبغي شداد القوم قد شحذوا القوى … في ليل أحداث نزلن شدادِ

ونريد شباناً بمصر استعصموا … ومضوا يصدون الغريبَ العادي

ونريد اطفالاً اذا ما أُرضعوا … فرضاعهم وطنية بسهادِ

لطفل منهم مثل أمي أو أبي … شفتاه أول ما تقول بلادي…

يُغذون في الأرحامِ حب بلادهم … لتكَون مصراً صرخة الميلادِ