لا دمنة بلوى خبت ولا طلل – البحتري
لا دِمنَةٌ بلِوَى خَبتٍ، وَلا طَلَلُ، … يَرُدُّ قَوْلاً على ذي لَوْعَةٍ يَسَلُ
إنْ عزّ دَمْعُكَ في آي الرّسومِ، فلَمْ … يَصُبْ علَيها، فعِندِي أدمُعٌ ذُلُلُ
هلْ أنت يَوْماً مُعيري نَظرَةً، فترَى … في رَمْلِ يَبرِينَ عِيراً سَيرُها رَمَلُ
حَثُّّوا النّوى بحُداةٍ ما لَها وَطَنٌ … إِلاََّ النّوَى، وَجِمالٍ ما لها عُقُلُ
بَني زُرَارَةَ نُصْحاً مَا لَهُ ثَمَنٌ … يُرْجى لدَيكُمْ، وَقَوْلاً كلُّهُ عَذَلُ
وَإنّما هَلَكَتْ مِنْ قَبلِكمْ إرَمٌ، … لأنّهُمْ نُصِحْوا دَهْراً، فَما قَبِلُوا
مُستعْصِمينَ مَعَ الأرْوَى. كأنّكُمُ … لا تَعلَمُونَ بأنّ العَصْمَ لا تََئِلُ
أنْذَرْتُكُمْ عَارِضاً تُدْمي مَخايِلُهُ، … ألقَطرَةُ الفَذُّ منهُ عارِضٌ هَطِلُ
هذا ابنُ يوسُفَ في سَرْعَان ذي لجَبٍ، … فيه الظّبا واَلقَنَا وَالكَيْدُ وَالحِيَلُ
غَزَاكُمُ بِقُلُوبٍ ما لهَا خَلَلٌ … من خَلفِها، وَسُيوفٍ ما لهَا خِلَلُ
قد كان ناراً وَعِظمُ الجَيشِ مُفترِقٌ … بالثَّغْرِِ، إلاّ أُصَيْحابٌ لَهُ قُلُلُ
فكَيفَ وَهوَ يَسُوقُ اللّيلَ في زَجِلٍ … مِن عَسكَرٍ، ما لشيءٍ غَيرِهِ زَجَلُ
وَلاّكُمُ البَغيَ ثمّ انساب نَحوَكُمُ … بالمَشرَفيّةِ فهيا الثُّكْلُ، والهَبَلُ
وانحازَ مِثلَ انحِيازَ الطّوْدِ. يَتْبَعُهُ … رَأيٌ يُصَغَّرُ فيهِ الحادِثُ الجَلَلُ
جَرَّ الرّمَاحَ إلى دََرْبِ الرّماحِ، فَهَلْ … لَكُمْ عَلَيْهِ بَقَاءٌ، أوْ بهِ قِبَلُ
فإنْ تكُن دوْلةً دامتْ، فما انقَطعتْ، … عن مثلِ صَوْلَتِهِ، الأيّامُ، والدّوَلُ
ألله ألله كُفّوا إنّ خَصْمَكُمُ … أبو سَعيدٍ، وَضرْبُ الأرْؤسِ الجَدَلُ
تَغَنّموا السّلمَ، إنّ الحَرْبَ توعدُكم … يَوْماً، تَعُودُ لَهُ صِفُّونَ وَالجَمَلُ
ألآن، وَالعُذْرُ مَبسوطٌ لمُعْتَذِرٍ … وَالأمْنُ مُستَقْبَلٌ، وَالعَفُو مُقتبَلُ
وَلا يَغُرّنّكُمْ مِنْهُ تَبَذُّلُهُ … بالاذْنِ حتى استوَىَ الأرْبابُ وَالخَوَلُ
فإنْ يكُنْ ظاهراً فالشّمسُ ظاهَرَةٌ، … أوْ كانَ مُبتَذَلاً فالرّكنُ مُبتَذَلُ
طالَ الرّوَاءُ الذي في رَأسِ فَحلِكُمُ، … لا يَسهُلُ الصّعبُ حتى يَقصُرَ الطِّوَلُ
قَدْ جَارَ مُوسَى،وجَارَى حَتْفَ مُهْجَتِهِ … فإِنْ يَكُنْ جَئِراً فالرُّمحُ مُعْتَدِلُ
وَأمّلَ الثّلْجَ، وَالجَوْزَاءُ مُلْهِبَةٌ … في ناجرٍ، ساءَ هذا الظنُّ والأملُ
وَعِنْدَ بُقْرَاطَ داءٌ، لَوْ تَصَفّحَهُ … بُقرَاطُ قالَ: الدّوَاءُ البِيضُ وَالأسَلُ
وَما صَليبُ ابنِ آشُوط بأمنَعَ مِنْ … صَليبِ بَرْجانَ، إذْ خَلّوْهُ، وانجَفلوا
تَحمِلُهُ البُرْدُ مِنْ أقصَى الثّغُورِ إلى … أدْنَى العِرَاقِ سِرَاعاً، رَيثُها عجَلُ
بسُرّ مَنْ رَاءَ مَنكُوساً تُجَاذِبُهُ … أيْدِي الشِّمَالِ فُضُولاً، كلُّها فُضُلُ
تَهْفُو بِهِ رَايَةٌ صَفْرَاءُ تَحسِبُها … أزْدِيّةً، صَبّغَتها الهُونُ وَالشّلَلُ
أمسَى يَرُدُّ حَرِيقَ الشّمسِ جانِبُهُ، … عن بابِكٍ، وَهيَ في الباقِينَ تَشتَعِلُ
كأنّهُمْ رَكِبُوا للحَرْبِ، وَهوَ لهمْ … بَنْدٌ، فَما لُفّ مُذْ أوْفَى وَلا نزَلُوا
تَفَاوَتُوا بَيْنَ مَرفُوع ومُنْخَفِضٍ … على مَرَاتِبِ ما قَالُوا وما فَعَلوا
رَدَّ الهَجيرُ لِحاهُمْ، بَعدَ شُعَلَتِها، … سُوداً فعادوا شَباباً بَعدَما اكتَهَلُوا
رَأى ابنُ عَمْروٍ أميرَ المُؤمنينَ، كمَا … قالَ الخَوَارِجُ إذْ ضَلّوا وَإذْ جَهِلُوا
سَمَا لَهُ خَاتِلُ الآسَادِ في لُمَةٍ … مِنَ المَنَايَا، فأمسى، وَهوَ مُحْتَبَلُ
حالي الذّرَاعَينِ وَالسّاقَينِ، لوْ صَدقتْ … لَهُ المُنَى لَتَمَنّى أنّهُ عُطُلُ
مِنْ تحتِ مُطبِقِ بابِ الشّامِ في نَفَرٍ … أسرَى، يَوَدّونَ وَدّاً أنّهمْ قُتلُوا
غابوا عنِ الأرْضِ أنأى غَيبَةٍ، وَهُمُ … فيها فلا وَصْلَ إلاّ الكُتبُ وَالرّسُلُ
تَغْدُو السّماءُ، فتَلقاهُمْ مُرَبَّعَةً، … وَتَقطَعُ الشّمسُ عَنهُمْ حينَ تتّصِلُ
ذَمّوا مُحمّداً المَحمُودَ إذْ نَشِبُوا … في مُصْمَتٍ لَيسَ في أرْجائِهِ خَلَلُ
لَوْ سِرْتُمُ في نَواحي الأرْضِ عَدّ … لكُمْ آثارَهُ الباقياتِ السّهلُ وَالجَبَلُ
مُشَيَّعٌ مَعَهُ رَأيٌ يُبَلّغُهُ … تِلكَ الأمورَ، التي ما رَامَها رَجُلُ
لا يَجذِبُ الوطنُ المَألوفُ عَزْمَتَهُ، … ولا الغَزَالُ الذي في طَرْفِه كَحَلُ
مُسَافِرٌ. وَمَطَاياهُ مُحَلَّلَةٌ … غُرُوضُها، وَمُقيمٌ وَهوَ مُرْتَحِلُ
يَهَشُّ للغَزْوِ، حتى شَكّ عَسكَرُهُ … فيهِ، وَقالوا أغَزْوٌ ذاكَ أمْ قَفَلُ
تجرِي على سُورَةِ الأنْفَالِ قِسْمَتُهُ، … إذا تَوَافَى إلَيْهِ الغُنْمُ وَالنَّفَلُ
أنا ابنُ نِعمَتِكَ الأولى التي شكَرَتْ … نَبْهانُ عَنها، وَعَنْ آلائِها ثُعَلُ
أقُولُ فيكَ بوِدٍّ ظَلّ يَجذِبُني … إلى المَدِيحِ فما يحظَى بيَ الغَزَلَ
هذا وَلَوْ قُلتُ فيكَ لمْ أرَني … قضَيتُ حَقّاً، وَلا أُعطيتُ ما أسَلُ