لا تقطعنّ رجاءَ العيش بالعللِ – الشريف المرتضى

لا تقطعنّ رجاءَ العيش بالعللِ … فالعمرُ أقصرُ أوقاتاً من الشُّغُلِ

وما السُّرورُ على خَلْقٍ بمتَّئدٍ … وما النّعيم على الدّنيا بمتّصلِ

قضى الزّمانُ بأن يبتزّ نحلته … ما يبرم الصّبحُ تعريه يدُ الطّفلِ

أقولُ إذ لامَني في الحبِّ جاهلُه: … لو كنتَ لاقيتَ ما ألقاه لم تقلِ

خفّضْ عليك فإنّى غيرُ منعطفٍ … على ملامٍ ولا مصغٍ إلى عذلِ

إذا نزعت هوًى فى ثوب غرّته … فإنَّ سِرَّ الصِّبا في خمرة ِ الغَزَلِ

وشافعُ الحبِّ لا تنفكُّ طاعتُه … أدنَى إِلى النَّفس من همٍّ إِلى جَذَلِ

لا تأنسنَّ بلينِ الصَّعبِ في كَلَفٍ … فاللَّيثُ يَصبو ويَعلو منكِبَ البَطَلِ

ولا يغرّنك حلمٌ فى مواطنه … فالدَّهرُ يُغضي ويقضي أعضلَ العُقَلِ

وكيفَ يُدنَى منَ التَّشميرِ في حَدَثٍ … مَن داؤهُ في ظهورِ الخيلِ والإبلِ؟

أدنَى شعارَيْهِ درعٌ في تفضُّلِه … وكفّه منبتُ العسّالة ِ الذّبلِ

يرضَى النِّجادَ بديلاً من تَمائمهِ … وأحمر النّقعِ من محمرّة ِ الحللِ

ولا وسادَ له إلاّ جوارحه … ولا يمهّد إلاّ جلدة َ السّبلِ

ما يَعجُمُ الخطبُ لي عُوداً على خَوَرٍ … ولا يكشِّفُ منّي القلبُ عن وَهَلِ

ولا امتطيتُ صنيعاً ذُمَّ راكبُه … ولا أدار لسانى القولَ فى خطلِ

هيهات أرهب من هذا الورى أحداً … وقد رأيت شمولَ العجز والفشلِ

إِنَّ الرِّجالَ وإِنْ راعتْك كثرتُهمْ … إذا خبرتهمُ لم تلفِ من رجلِ

من لم تكن غاية َ العلياءِبغيته … فلن ألابسهُ إلاّ على دخلِ

للَّهِ يومٌ أتاني وهْوَ مبتسمٌ … لقيتُ فيه نفوسَ القومِ بالأجلِ

على حصانٍ ، حصينٌ منْ تجلّله … كأنّه قد تعلّى ذروة َ الجبلِ

رحبِ الجبين قصيرِ الظّهر من سعة ٍ … كأنّ راكبه منه على الكفلِ

لمّا طلعتُ بصدقِ العزمِ مُشتملاً … رأى الكماة بوجهى مالئ المقلِ

وغرّة ُ الشّمسِ بالقسطالِ فى كللٍ … وبالبصائر خدُّ الأرضِ فى خجلِ

قل للنّوائب إمّا كنتَ مخبرها : … بينى وبينك قرعُ البيضِ والأسلِ

في فتية ٍ عشقوا الحربَ العَوانَ فما … يزورُ عشقَهمُ شيءٌ سِوى المَلَلِ

لا يَرهبون المنايا أنْ تُلمَّ بِهمْ … ولا يخافون يوماً جُرعة َ الثُّكُلِ

إليكِ عنِّيَ أخلاقَ اللّئامِ فما … يُجيدُ سَمعي إلى نجواكِ من مَيَلِ

من شاء أن يتحامى الهونُ حوزته … يكنْ بوفدِ الأماني غيرَ مُحتفلِ

لا يقنُصُ الدَّهرُ قلبي في حبائلهِ … ولا يميل اعتزامى فى صبا أملِ

لا زلتِ يا أعينَ الحسّاد مطرفة ً … دونى ويا قلبهمْ لا زلتَ فى خزلِ

مَن يحسدِ المجدَ غَصّانٌ بحسرتِهِ … وعاشقُ المجدِ لا يُلفَى على مَلَلِ

لا تنظرَّنَّ امرأً من غيرِ حاسدهِ … فليس يدرك صدقاً ناظرُ الحولِ