في ذكرى ملحمة العبور – جمال مرسي
خيول النصر عادت من جديدِ … تصولُ ، تجولُ في الأفقِ البعيدِ
أتت بالعزِّ في سيْناءَ تزهو … كنور الشمسِ أشرقَ في الوجودِ
سنابكها مخضّبةٌ ، و تعدو … تثير النقعَ في الأرض الكديدِ
يزينُ متونها السممرُ الغوالي … حُماة النيل أفلاذ الكبودِ
رفاق السيفِ ، صنّاع التحدّي … بُناة المجد بالكفِّ الحديدِ
إذا الهيجا دعت ، لبّوْا سراعاً … أتينا طائعينَ إلى الخلودِ
و كان الصبرُ ملحمةَ التصدِّي … و الاْستنزافُ مفخرة الصمود
و رُبَّ رصاصةٍ كانت تُدوِّي … تذكّر يا رفيقي بالوجود
أعِدْ بالله نغْمتها علينا … أعد باللهِ عهد ” ابن الوليدِ
و ردَّدْ بالرصاصِ لحونَ فخرٍ … و سطِّرْ بالدما بيت القصيدِ
فإنّا من ورائك ما بخلنا … ببذلِ طريفِ مالٍ أو تليدِ
دعوْنا ربنا في كلِّ حينٍ … و جُدنا في الركوعِ و في السجودِ
فيا ربَّ الورى حقق رجانا … و ثبِّت في الوغى و على الحدودِ
و عطَّّرَت الزمان طيوبُ يومٍ … من الأيامِ مشهودِ مجيد
كأنّ مقاتلي أُحدٍ و بدرٍ … ملائكةٌ تلوِّح من بعيدِِ
فباليُمنى تشدّ على الأيادي … و باليُسرى تكلّلُ بالورودِ
و تسقي الجُندَ في صحراءِ سينا … و في الدلتا و في أقصى الصعيدِ
و كان ” الصفرُ ” بعد الظهرِ جمراً … إذ الطيرانُ زمجرَ كالرعودِ
فذوّبَ خطَّ بارليف المُسمّى … بخطِّ الردعِ ، ذوَّب كالجليدِ
و شُيِّدت المعابرُ شامخاتٍ … على الأحزانِ محكمةَ المشيدِ
بناها القومُ لا يخشوْن موتاً … و هل يرتاع ذو قلبٍ شديدِ
سعى للخلدِ في جنات عدْنٍ … فحاز النصر بالخطوِ الوئيدِ
و من سهِرَت لهُ في اللهِ عينٌ … جزاهُ اللهُ جنات الخلودِ
فيا مصر اهنئي دوماً و قرّي … فإن عبورَكِ الميمونِ عيدي
يمرُّ العمرُ عاماً بعد عام … و ذكراه الحبيبةُ في وريدي
هي النغم الجميل بهِ تغنَّتْ … طيور الحُبِّ ، تجهرُ بالنشيدِ