غَنّتْ وناصِيَة ُ الظَّلماء لم تَشِبِ – ابن سهل الأندلسي
غَنّتْ وناصِيَة ُ الظَّلماء لم تَشِبِ … فليتها إذ كتمتُ الحبَّ لم تشِ بي
ناحتْ ونحتُ ولم يدللْ عليّ سوى … دمعٍ يفرقُ بينَ الحزنِ والطربِ
شجوي طويلٌ ولكنْ ما قنعتُ بهِ … حتى استعنتُ بشجو الورق في القضبِ
مثل الرميميّ لم يقنعهُ تالدهُ … مجداً فأيدَ موروثاً بمكتسبِ
للَّهِ علمٌ وإقْدَامٌ حَكى بِهِما … بأسَ الرجومِ ونورَ الأنجمِ الشُّهُبِ
أوْفى به السبقُ في حُكْمٍ وفي حِكَمٍ … مقسم النفسِ بين البأسِ والأدبِ
فإنْ يقلْ فزيادٌ غيرُ مستمعٍ … و إن يحاربْ دعا النعمانُ بالحربِ
راعي اللّيالي بأطرافِ الخُطوبِ كما … أجادَ دفعَ الخطوبِ السودِ بالخُطَبِ
لم يبقِ صولك عزَّ الملكِ في عجمٍ … ولا بيانُكَ فضلَ القولِ في عربِ
إذا طغى بحرهُ يومَ الهياجِ ترى … عداهُ أقصرَ أعماراً من الحببِ
تُشَبُّ نارُ العُلى مِنهُ على عَلَمٍ … وينتهي شبهها مِنهُ إلى قُطُبِ
… … وضوء سِيرَتهِ نورٌ بِلا لهبِ
لو شاء بالسعدِ ردَّ السهمَ في لطفٍ … من المروقِ ونالَ النجم من كثبِ
لا تبغِ للناسِ مثلاً للرئيسِ أبي … يحيى فليس يُقاس الصُّفْرُ بالذهبِ
لو لم يرجحهُ فضلُ الحلمِ طار به … توقدُ الذهنِ في الأفلاكِ والشهبِ
أغرُّ ينظرُ طرفُ المجدِ عن صورٍ … منه ويضحكُ سنُّ الدهرِ عن شنبِ
عفٌّ ترنحُ منه أريحيتهُ … معاطفاً لم تُرَنّحْها ابنة ُ العِنَبِ
حمى الهدى وأباحَ الرفدَ سائلهُ … فالدِّينُ في حَرَمٍ والمالُ في حَرَبِ
تنبيكَ عن سرّ جدواهُ طلاقتهُ … كالبرقِ يخبرُ عن فيضِ الحيا السربِ
شمسٌ لمسترشدٍ، ظلٌّ لملتجىء … عتبٌ لمستعتبٍ، أمنٌ لذي رَهَبِ
معظَّمٌ كالغنى في عينِ ذي عَدَمٍ … محبَّبٌ كالشّفا في نفس ذي وَصَبِ
حوَى أقاصي الهُدى والجودِ في مَهَلٍ … و غادر السحبَ والأقمارَ في تعبِ
نَمّتْ أو انَ الصبا أخبار سُؤْدَدِهِ … وأيُّ روضٍ مع الأطيارِ لم يَطبِ
يعطي ولم تصدرِ الآمالُ عن عدة ٍ … مِنْهُ، ولا وردَتْ منّا على طَلَبِ
شذتْ به عن بني الدنيا محاسنهُ … فعاشَ مستوطِناً فيهِمْ كمُغْتَرِبِ
هذا الوداعُ وعِندي من حديثك ما … مِنَ الغمامة ِ عند النَّوْرِ والعُشُبِ
وامددْ يمينَكَ ألثُمْها وأُخبرُهُمْ … أني لثمتُ الندى صدقاً بلا كذبِ