علَّ البخيلَة َ أن تجودَ لعاشقِ – الشريف المرتضى

علَّ البخيلَة َ أن تجودَ لعاشقِ … مازال يقنع بالخيال الطارقِ

صدّتْ وقد نظرتْ سوادَ قرونها … عنّى وقد نظرتْ سواد مفارقى

وتعجّبتْ من جنحِ ليلٍ مظلمٍ … أنّى رمى فيه الزّمانُ بشارقِ ؟

وسوادِ رأسٍ كان ربعَ أحبّة ٍ … رجعَ المشيبُ به طلولَ مُفارقِ

ياهندُ إنْ أنكرتِ لونَ ذَوائبي … فكما عهدتِ علائقى وطرائقى

ووراءَ ما شنئتهُ عينك ” ضلّة ً ” … ما شئتِ من خلق ” يسرّك ” رائقِ

أوميضُ شيبٍ أم وميضُ بواترٍ … قَطَّعْنَ عند الغانياتِ علائقي

وكأنَّ طَلعة َ شَيبة ٍ في مَفْرقٍ … عند الغواني ضَربة ٌ من فالِقِ

ومُعيِّري شيبَ العِذار وما دَرى … أنَّ الشَّبابَ مطيَّة ٌ للفاسقِ

” ويقول : لو غيّرتَ منه لونه ؛ ” … هيهات أبدلُ مؤمناً بمنافقِ

والشَّيبُ أملأ للصُّدور وإنْ نَبتْ … عن لونِه في الوجهِ عينُ الرَّامقِ

وإذا ليالي الأربعين تكاملتْ … للمرءِ فهْوَ إلى الرَّدى من حالقِ

ولقد صحوتُ ” من الهوى ” وسلوته … أيّامَ ريعان الشّباب مفارقى

وكَفَيتُ عُذَّالي فليس يشوقُني … مَن كان يوماً قبلَ ذلك شائقي

من بعد أن ” أوضعتُ ” فى سننِ الصّبا … وأخذتُ في اللّذّاتِ خَصْلَ السابِقِ

ومشيتُ ملتاثَ الإزارِ كأنّما … ساورتُ قهوة َ صابحٍ أو غابقِ

تنزو بى َ النشواتُ كلَّ عشيّة ٍ … نزوَ الجنادب فى متونِ حدائقِ

وأخٍ رميتُ إخاءه لمّا نبتْ … أخلاقهُ عنّى بفرقة ِ طالقِ

وتركتُه لمّا وجدتُ أديمَه … متفرِّياً من قبلِ فَرْيِ الخالِقِ

يرمى إلى َّ وقد ملأتُ ضميره … نَدَماً على ما فاتَ لَحْظَ مُسارِقِ

وأنا الذى علمتْ نزارٌ كلّها … من بيتها فى رأسِ أرعنَ شاهقِ

وإِذا تتابَعتِ السِّنون فلن تَرى … أستارنا مسدولة ً من طارِقِ

وتَرى على كَلَبِ الزَّمانِ جِفانَنا … وتعاقُبِ الأضيافِ جِدَّ فَواهقِ

وتخالُ طالعة َ الكواكبِ وَسْطَها … قد منطقتْ من نظمها بمناطقِ

وإذا تشاجرت الرّماحُ رأيتنى … رحبَ الخطا فى المأزقِ المتضايقِ

وعليَّ من نَسْجِ الأسنَّة ِ نَثْلَة ٌ … وعلى كماة ِ الرّوعِ نسجُ يلامقِ

في ظهر سابقة ٍ تَفيءُ عروقُها … يومَ الجِراءِ إلى الوَجيهِ ولاحِقِ

وإذا جَرتْ فالبرقُ ليس بمسرعٍ … إيماضُهُ والطَّرْفُ ليس بسابقِ

أنمى إلى بيت العلا من هاشمٍ … من ذلك الأصلِ الأشمِّ الباسقِ

قومٌ إذا حمى َ الحديدُ عليهمُ … يردون أودية َ النّجيعِ الدّافقِ

وإذا هَوَوْا من نجدة ٍ في خُطة ٍ … لم يَثْنِهمْ عنها نعيقُ النّاعقِ

وهُمُ غيوثُ صنائعٍ ومجاوعٍ … وهمُ ليوثُ مواقفٍ ومآزقِ

وهمُ صدورُ محافلٍ ومجالسٍ … وهم بدور مواكبٍ وفيالق

من مبلغٌ عنّى بنى جشمٍ وإنْ … كانوا على حكمِ الزّمانِ أصادقى ؟

كم فى صدوركمُ لنا من إحنة ٍ … برزتْ فموَّهَهَا لسانُ الناطقِ

” ولكمْ لكمْ بشرٌ تكشّف ” غبّه … عن شرِّ عاقبة ٍ كخُلَّبِ بارقِ

ومتى أُصِخْ سمعاً لرجعِ جوابِكمْ … فإلى كلامِ مواربٍ ومماذقِ

إنّي مَرَيْتُكُمُ فكنتُ كمن مَرَى … ” جدّاء ” لا تسخو بدرّة ِ حالقِ

مافي عهودكُمُ وإنْ وثَّقتُمُ … شطنٌ تعلّقهُ يمينُ الواثقِ

والجارُ بينَ بيوتِكمْ كَثِبٌ على الْـ … ـأعداءِ نَصْبَ جوائحٍ وبوائقِ

يسرى إليه ضراركم وخصصتمُ … مِن دونه بمنافعٍ ومرافقِ

ومتى تَفَكَّر في عطائِكمُ امرؤٌ … لم يدرِ، أسخطَه قضاءُ الرّازقِ

ودَرى بأنَّ النُّجحَ ليس لعاقلٍ … فينا وأنَّ الحظَّ حظُّ المائقِ