سِوى باكيكَ مَنْ ينْهى العَذُولُ – ابن الخياط

سِوى باكيكَ مَنْ ينْهى العَذُولُ … وغيرُ نواكَ يحمِلُها الحَمُولُ

أيُنْكَرُ يا مُحمَّدُ لِي نَحيبٌ … وقَدْ غالَتْكَ للأيّامِ غُولُ

أذا الوَجْهِ الجَمِيلِ وقَدْ توَلَّى … قَبِيحٌ بعْدَك الصَّبْرُ الجَمِيلُ

رَحَلْتَ مُفَارِقاً فَمَتى التَّلاقِي … وبِنْتَ مُودِّعاً فمتى القُفُولُ

وكنْتَ يقينَ منْ يرجُوكَ يوماً … فأنْتَ اليومَ ظنٌّ مُستحيلُ

نَضَتْ بِكَ ثَوْبَ بَهْجَتِها اللَّيالي … وغالَ بهاءَهُ الدهْرُ الجَهُولُ

ولوْ تدْرِي الحوادِثُ ما جنتْهُ … بَكَتْكَ غَداة ُ دَهْرِكَ والأصِيلُ

أيا قمرَ العُلى بمنِ التسلِّي … إذا لمْ تستنِرْ ومَنِ البديلُ

متى حالَتْ محاسنَكَ اللواتِي … لَها فِي القَلْبِ عَهْدٌ لا يَحُولُ

متى صالَ الحِمامُ علَى ابْنِ بأْسٍ … بهِ في كُلِّ ملحمة ٍ يصُولُ

متى وصَلَ الزمانُ إلى محلٍّ … إلى دَفْعِ الزَّمانِ بهِ الوُصوُلُ

سأعْوِلُ بالبُكاءِ وأيُّ خَطْبٍ … يَقُومُ بهِ بُكاءٌ أوْ عَوِيلُ

فإمّا خاننِي جلدٌ عزيزٌ … فعندِي للأسى دمْعٌ ذَليلُ

وما أنْصِفْتَ إنْ وجِلَتْ قُلُوبٌ … منَ الإشفاقِ أو ذَهِلَتْ عُقُولُ

وهَلْ قَدْرُ الرَّزِيَّة ِ فَرْطُ حُزْنٍ … فيُرْضِيَ فيكَ دمعٌ أو غليلُ

لقَدْ أخَذَ الأسى مِنْ كُلِّ قَلْبٍ … كَما أخَذَتْ مِنَ السَّيفِ الفُلولُ

وما كبدٌ تذوبُ عليكَ وجْداً … بِشافِيَة ٍ وَلا نَفْسٌ تَسِيلُ

فيا قبراً حوى الشرفَ المُعلى … وَضُمِّنَ لَحْدَهُ المَجْدُ الأثِيلُ

أُحِلَّ ثَراكَ مِنْ كَرَمٍ غَمامٌ … وأودِعَ فيكَ منْ بأسٍ قبيلُ

حُسامٌ أغْمَدَتْهُ بِكَ اللَّيالِي … سَيَنْحَلُّ فِيكَ مضْرَبُهُ النَّحِيلُ

وكانَ السَّيفُ يُخْلِقُ كلَّ جَفْنٍ … فأخلقَ عندكَ السيفُ الصقيلُ

تَخرمَهُ الحِمامُ وَكُلُّ حَيِّ … على حُكْمِ الحِمامِ لهُ نُزولُ

فيا للهِ أيُّ جليلِ خطْبٍ … دَقِيقٌ عِنْدَهُ الخَطْبُ الجَلِيلُ

أما هَولٌ بانْ يُحْثى ويُلْقى … عَلى ذاكَ الجَمالِ ثَرًى مَهِيلُ

أما اندَقَّتْ رماحُ الخَطِّ حُزْناً … عَلَيْكَ أما تقَطَّعَتِ النُّصُولُ

أما وَسَمَ الجِيادَ أسى ً فتُحْمَى … بِهِ غُرَرُ السَّوابِقِ والحُجُولُ

أما ساءَ البُدُورَ وأنْتَ مِنْها … طُلُوعٌ منكَ أعْقَبَهُ الأفُولُ

أما أبكى الغُصُونَ الخُضْرَ غصْنٌ … نضِيرُ العُودِ عاجَلهُ الذُّبُولُ

أما رَقَّ الزَّمانُ علَى عَلِيلٍ … يصِحُ ببرئِهِ الأملُ العليلُ

تَقَطَّعَ بَيْنَ حَبْلِكَ واللَّيالِي … كَذاكَ الدَّهْرُ لَيْسَ لَهُ خَلِيلُ

وأسرعْتَ الترحُّلَ عنْ دِيارٍ … سواءٌ هُنَّ بعدَكَ والطُّلُولُ

وَمِثْلُكَ لا تَجُودُ بهِ اللَّيالِي … ولَكِنْ رُبَّما سَمَحَ البَخِيلُ

أنِفْتَ مِنَ المُقامِ بِشَرِّ دارٍ … ترى أنَّ المُقامَ بها رَحيلُ

ومَا خَيْرُ السَّلامَة ِ فِي حياة ٍ … إذا كانَتْ إلى عَطَبٍ تَؤولُ

هيَ الأيامُ مُعطِيها أخُوذٌ … لِما يُعطِي وَمُطْعِمُها أكُولُ

تَمُرُّ بِنا وقَائِعُ كُلَّ يَوْمٍ … يُسَمّى مَيِّتاً فِيها القَتِيلُ

سقاكَ ومَنْ سقى قبلِي سحاباً … تُرَوَّضُ قبل موقِعِهِ المَحُولُ

غَمامٌ يُلْبِسُ الأهْضامَ وَشْياً … تتيهُ بهِ الحزُونَة ُ والسُّهُولُ

كأنَّ نسيمَ عرفِكَ فيهِ يُهْدى … إذا خطَرَتْ بِهِ الريحُ القَبُولُ

كجُودِكَ أوْ كجُودِ أبيكَ هامٍ … عَميمُ الوَذْقِ مُنْبَجِسٌ هَطُولُ

ولوْلا سُنَّة ٌ للبِرِّ عنْدِي … لقُلْتُ سقتْكَ صافِيَة ٌ شَمُولُ

أعْضَبَ الدَّولَة ِ المأمُولَ صَبراً … وكيفَ وهلْ إلى صبْرٍ سبيلُ

وما فارَقْتَ مَنْ يُسْلى ولكنْ … سِوى الآسادِ تُحْزِنُها الشُّبُولُ

ومَا فقْدُ الفُروعِ كَبِيرُ رُزْءٍ … إذا سَلِمَتْ على الدهْرِ الأصُولُ

وما عزّاكَ مثلُكَ عنْ مُصابٍ … إذا ما راضَكَ اللُّبُّ الأصِيلُ

سَدادُكَ مُقْنِعٌ وَحُجاكَ مُغْنٍ … ودُونَكَ ما أقُولُ فَما أقُولُ

فلا قَصُرَتْ عَوالِيكَ الأعالِي … ولا زالَ الزَّمانُ بِها يَطُولُ