سَلا دارَها أنْ أنبأ الطَّللُ القفرُ – ابن معصوم المدني

سَلا دارَها أنْ أنبأ الطَّللُ القفرُ … أجادَ فروَّاها سِوى أدمعي قطرُ

وهل أوْقدَ السَّارون ناراً بأرضها … فكان لها الاَّ لظى كَبِدي جَمرُ

وما شغفي بالدار أبكي رسومها … وأندبها لولا الصبابة والذكر

ذكرتُ بها أيَّامَ جُملٍ وعهدُها … جميلٌ وفنيانُ الصِّبا مُونقٌ نَضْرُ

إذ العيشُ صَفوٌ والحبائبُ جيرة ٌ … وروض الهوى غضٌ حدائقه خضر

أميسُ ارتياحاً في بُلهنية الصِّبا … تعانقني شمسٌ ويلثمني بدرُ

وغيداء من عليا لؤي بن غالبٍ … حمتها المواضي والمثقفة السمر

وأقسم لو لم تحمها البيض والقنا … لأغنى غناها الخنزوانة والكبر

هي الظبية الأدماء لولا قوامها … وشمسُ الضُّحى لولا المباسمُ والثغرُ

تطاول زهر الأفق أزهار نعتها … ويستنزلُ الشِّعرى لأوصافها الشعرُ

أطعتُ هَواها ما استطعتُ ولم يكن … لغير الهوى نهيٌ عليَّ ولا أمرُ

لقد ضلَّ مشغوفُ الفؤاد بغادة ٍ … معد ابن عدنانٍ ابن أدٍ لها نجر

إذا نُثِرت يوماً كِنانة ُ ناظرٍ … لعاشقها ثارت كنانة والنضر

يَغارون أن يَهوى فَتاهم فتاتَهم … وهلْ في هوى خلٍّ لخلَّته نُكرُ

وما ضرَّهم لو لُفَّ شَملي بشَملها … وقد لفت الأعراق ما بيننا فهر

إلى الله من حُبِّي فتاة ً منيعة ً … وفائي لها ما بين أقوامها غدرُ

تُطِلُّ دماءَ العاشقين لعلمها … بأنَّ دماءَ العاشقين لها هَدرُ

كأنَّ لها وتراً على كلِّ عاشقٍ … وقد أقسمت أن لا ينامَ لها وترُ

أعاذل مهلاً غير سمعي للائمٍ … فقد ظهر المكنون واتضح العذر

لعمري لقد حاولت نصحي وإنما … بسمعي عما أنت مسمعه وقر

وقبلك لام اللائمون فلم يكن … لهم عند أهل العشق حمدٌ ولا أجرُ

ومن قبل ما لج المحبون في الهوى … وما جهلوا أن الهوى مركبٌ وعر

وأمسَوا يرومون الوصال فأصبحوا … وأيديهم مما يرومونه صفر

وما نَكِرَ العشَّاق هَجراً ولا قِلى ً … فما طاب وصلٌ قطُّ لو لم يكن هَجرُ

وإنِّي على ما بي من الوجدِ والأسى … لذو مِرَّة لا يستفزُّني الدَّهرُ

أرى الصبر مثل الشهد طعماً إذا عرت … ملماته والصبر مثل اسمه صبر

وإني من القوم الألى شيدوا العلى … إذا نقموا ضروا وإن نعموا بروا

وإن وعدوا أوفوا وإن أوعدوا عفوا … وإن غضبوا ساؤا وإن حلموا سروا

هُمُ سادة ُ الدنيا وساسة ُ أهلها … وهم غررُ العَليا وانجمُها الزُّهرُ

بنو هاشم رهط النبي محمدٍ … به لهم دون الورى وجَبَ الفخرُ

هُمُ أصلُه الزاكي ومحتدُه الذي … زكا فزكا فرعٌ له وذكا نشرُ

وهل ينبت الخطي إلا وشيجه … ويطلع إلا في حدائقه الزهر

ألا أيها الساعي ليدرك شأوهم … رويدَك لا تجهَدْ فقد قُضيَ الأمرُ

وإن كنت في شكٍ مريبٍ فسل بهم … خبيراً فعنهم صدَّق الخَبَر الخُبْرُ

وقد ينكر الصبح المنير أخو عمى ً … وإلاَّ فما بالصُّبح عن ناظرٍ سَتْرُ

إذا عد منهم أحمدٌ وابن عمه … وعمَّاهُ وابناهُ وبَضعَتُهُ الطُّهُر

وعترته الغر الهداة ومن لهم … مناقب لا تفنى وإن فني الدهر

فقد أحرزوا دون الأنام مفاخراً … تضيق لأدناها البسيطة ُ والبحرُ

أولئك آبائي فجئني بمثلهم … إذا جمع الأقيالَ أندية ٌ زُهرُ

عليهم صلاة الله ما ذر شارقٌ … وما لاح في الآفاق من نورهم فجر