سَرَت بِمَلامٍ حينَ هَوَّمَ عُذَّلي – صريع الغواني
سَرَت بِمَلامٍ حينَ هَوَّمَ عُذَّلي … مَلامَةَ لا قالِ وَلا مُتَبَدِّلِ
رَأَت رَجُلاً خاضَ الغِنى ثُمَّ أَعقَبَت … حَوادِثُ تُفني عِفَّةَ المُتَجَمِّلِ
كِليني إِلى هَمٍّ كَفى العَذلَ أَهلُهُ … قَرينَةِ عَزمٍ بِالهُمومِ مُوَكَّلِ
يُصيبُ أَخو العَجزِ الغِنى وَهُوَ وادِعٌ … وَيُخطِئُ جُهدَ القُلَّبِ المُتَحَيِّلِ
دَعيني أَقِف عَزمي مَعَ العُدمِ قانِعاً … وَوَجهي جَديدُ الصَونِ لَم يَتَبَذَّلِ
فَإِنَّ الفَتى ما عاشَ رَهنُ تَقَلُّبٍ … مُدالٌ بِصَرفى دَهرِهِ المُتَحَوِّلِ
أَقولُ لِمَأفونِ البَديهَةِ طائِرٍ … مَعَ الحِرصِ لَم يَغنَم وَلَم يَتَمَوَّلِ
سَلِ الناسَ إِنّي سائِلُ اللَهَ وَحدَهُ … وَصائِنُ عِرضي عَن فُلانٍ وَعَن فُلِ
إِذا رَكِبَ اللَيلُ الضِعافَ رِكبتُهُ … زَميلي السُرى وَالرِدفُ عَزمي وَمُنصُلي
وَقَد عَجَمَت مِنّي الخُطوبُ اِبنَ هِمَّةٍ … مَتى ما يُرِبهُ مَنزِلُ السوءِ يَرحَلِ
إِذا ضافَهُ هَمُّ قَراهُ عَزيمَةً … هِيَ الهَمُّ ما لَم يَغشَ وِرداً فَيَنزِلِ
أَخو العَزمِ لا يَبني عَلى الهَونِ بَيتَهُ … عَروفَ السُرى في كُلِّ بَيداءَ مَجهَلِ
إِذا شاءَ قادَتهُ إِلى حَمدِ ماجِدٍ … عَزائِمُ لَم تُزجَر بِطائِرِ أَخيَلِ
بَلَغنا بِسَهلِ ثَروَةٍ وَوَسيلَةٍ … إِلى وَفرِ مالٍ واسِعٍ وَتَفَضُّلِ
كَفى غَيرَ أَنَّ الحادِثاتِ تَخَرَّمَت … طَريفَ الغِنى وَاِستَأثَرَت بِالمُؤَثَّلِ
وَعِندَ أَبي يَحيى غِناً لا يَمُنُّهُ … وَعَودٌ مَتى ما يُدبِرِ المالُ يُقبِلِ
عَرَضتُ لَهُ عَرضَ الإِخاءِ فَرَبَّهُ … بِنِعمَةِ مَحمودِ الصَنائِعِ مُجمِلِ
جَوادٌ تَغاواهُ العَواذِلُ بَينَها … وَيُقصِرنَ عَنهُ هَيبَةَ المُتَذَلِّلِ
يَرَينَ مَكانَ اللَومِ ثُمَّ يَهَبنَهُ … فَيُمسِكنَ عَن غاوٍ لَدَيها مُعَذَّلِ
لَهُ بَدَهاتٌ مِن فِعالٍ وَقَولُهُ … هُوَ الفِعلُ إِلّا رَيثَ وَعدٍ مُعَجَّلِ
فَتى كَرَمٍ يُعطي وَإِن قَلَّ مالُهُ … وَلا يَتَّقي طُلّابَهُ بِالتَعَلُّلِ
طَليقٌ إِذا المَعروفُ أَصبَحَ أَهلُهُ … كَأَنَّ بِهِم مِن حَملِهِ مَسَّ أَفكَلِ
تَرى الجودَ يَجري في صَفيحَةِ وَجهِهِ … وَإِن كانَ في جَدبٍ مِنَ الأَرضِ مُمحِلِ
تَضَيَّفَني مَعروفُهُ فَقَرَيتُهُ … ذَخيرَةَ مَضمونِ الثَناءِ المُنَخَّلِ
هُوَ المَرءُ إِن تُرهِقهُ يَرجِعكَ شَأوُهُ … بَهيراً وَإِن تَنزِل عَلى القَصدِ يَنزِلِ
يَقولُ فَيَعلو قَولُهُ وَهوَ مُنصِفٌ … وَيَمنَعُ مَحموداً وَإِن يُعطِ يُجزِلِ
وَإِن خَصَّ لَم تَعدُ الصَنيعَةُ أَهلَها … وَإِن عَمَّ أَعطى غَيرَ نَزرٍ مُقَلَّلِ
فَجاوِر بَني الصَبّاحِ تَعقِد بِذِمَّةٍ … وَتَأوِ إِلى حِصنٍ مَنيعٍ وَمَعقِلِ
تَعَلَّم بِأَنّي لَم أُغالِكَ مِدحَةً … وَلَم أَتَعَرَّض نائِلاً مِن مُمَوَّلِ
وَلَستُ بِهَجّاءٍ إِذا السَيبُ راثَني … وَلا حامِلٍ مَدحي عَلى غَيرِ مَحمِلِ
سَبَقتَ إِلى شُكري وَكُنتَ مُفَوَّهاً … فَلَم أَجحَدِ النُعمى وَلَم أَتَقَوَّلِ
أُقَصِّرُ عَن أَشياءَ وَالشُكرُ جاهِدٌ … وَحَسبُكَ مِن شُكرِ اِمرِئٍ غَيرَ مُؤتَلِ
حَلَفتُ لَقَد أَعطَيتَني غَيرَ سائِلٍ … وَأَعذَرتُ في المَعروفِ غَيرَ مُبَخَّلِ
وَإِنّي لَمَغبوطٌ بِقُربِكَ ذو غِنىً … وَإِن عَرَكَتني الحادِثاتُ بِكَلكَلِ
مَعاريضُ لا الشَكوى يُحاوِلُ رَبُّها … وَلا أَنتَ فيها لِلثَناءِ بِمَعزِلِ