سلي بعدكِ الواشينَ هل ذاعَ لي سرُّ – مصطفى صادق الرافعي

سلي بعدكِ الواشينَ هل ذاعَ لي سرُّ … وإن كانَ أضناني بتبريحهِ الهجرُ

على أنني كاتمتُ صدري ما بهِ … وفي كبدسي ما ليسَ يعلمهُ الصدرُ

حفظتكِ لا أني ارجي من الهوى … وفاءٌ ولكن ليسَ من شيمي الغدرُ

إذا هجعتْ عيناكِ جافاني الكرى … وباتتْ تناجيني الخواطرُ والفكرُ

أقاتلتي ظلماً لي الصبرُ والرضا … وإن كانَ قلبي ليسَ يحلو لي الصبرُ

إذا كانَ ذنبي أنني لكِ عاشقٌ … فمنكِ إليكِ العذرُ لو يشفعُ العذرُ

لكِ النهيُ إلا عن هواكِ وللهوى … بلحظكِ في ألبابنا النهيُ والأمرُ

وقد ذقتُ من حلوِ الزمانِ ومرِّهِ … فلا الحلو أنساني هواكِ ولا المرُّ

ويا رحمَ اللهُ الليالي التي مضتْ … ليالي كنا والزمانُ بنا نضرُ

وكانَ حماماتُ اللواحظِ بيننا … تروحُ وتعدو والقلوبُ لها وكرُ

الا ربَّ ليلٍ أسفرتْ تحتَ جنحهِ … فما شكَّ أهلُ الحيِّ أن طلعَ البدرُ

وقالتْ عذيري منكَ أمسيتَ غادراً … فقلتُ معاذَ اللهِ أن يغدرَ الحرُّ

فقالتْ فما للفجرِ تشكو لهُ الهوى … فقلتُ وهل ليلُ المحبِّ لهُ فجرُ

فقالتْ نسيتَ العهدَ قلتُ وهل سوى … غرامكَ خصمي يومَ يجمعنا الحشرُ

فقامتْ على كبرٍ تقولُ قتلتهُ … كأن لم تكنْ تدري أو عندها خبرُ

ومثلي فتى الدنيا الذي إن مشوا بهِ … إلى القبرِ يطوي مآثرهُ القبرُ