سقى الله عهداً بالحمى قَد تقدَّما – عبدالغفار الأخرس

سقى الله عهداً بالحمى قَد تقدَّما … وعَيشاً تقضّى ما أَلذَّ وأنعما

تعاطيتُ فيه الراح تمزج باللمى … وعفراء سكرى المقلتين كأنّما

لهوتُ بها والدهر مستعذب الجنى … ونلتُ كما أهوى بوصلي لها المنى

ولم أنسها كالغصن إذ مال وانثنى … تمرُّ مع الأتراب بالخَيف من مِنى

وبيضٍ عذارى من لؤيٍّ وغالب … كواعبَ أترابٍ فيا للكواعب

تخطِّينَ في أبهى خطاً متقارب … وَعَفَّين آثار الخُطا بذوائبِ

إذا نظرتْ سلَّت بألحاظها الظبا … وإنْ خَطَرت كانت كما خطر القنا

فما نظرَتْ إلاَّ بأبيض يُنتضى … ولا خَطَرَتْ إلاَّ وتذكّرتُ في الوغى

كأنّي بها ما بين أختٍ وضرّة ٍ … إليَّ بأسرار الغرام أسرَّتِ

أضميتْ كضيمي بين قومي وأسرتي … ومِن ضَيْمها كادَت تبيحُ طمرَّتي

أمضَّ هواها في فؤادي وما حوى … سوى حبّها حتى أليم فما ارعوى

وقد سألتْ عمَّا ألاقي من الجوى … فَرُحْتُ إليها أشتكي مضض الهوى

رَأَتْ فَتَياتُ الحيّ عَيني وَوَبْلَها … فأكثرنَ بالتأنيب إذ ذاك عذلها

فَرُحْتُ وقَد أجْرَت لها العينُ سَيلَها … وجاراتها راحتْ مؤنِّبة لها

أَهيمُ بمرآها وحسن قوامها … وإنّي لمعذورٌ بمثل هيامها

وكم ليلة ٍ قد بِتُّ جنح ظلامها … يسامرني طول الدجى من غرامها

إذا قربتْ من ناظري أو تأخَّرتْ … ففي صورة الشمس المنيرة صوِّرتْ

متى أسفرتْ عن وجهها أو تستَّرتْ … على قربها منّي إذا هي أسفرتْ

لها مقلة ٌ كالمشرفيِّ شباتُها … لعقيدة صَبري أوهَنَتْ نفثاتُها

إذا ما رَنَتْ أو رُتّلت كلماتها … لرقّة ِ سحري تنتمي لحاظاتها