رحبْ بضيفِ الأنسِ قد أقبلا – ابن سهل الأندلسي

رحبْ بضيفِ الأنسِ قد أقبلا … واجلُ دجى الهمِّ بشمس العقار

و لا تسلْ دهرك عما جناهْ … فما لَيالي العُمرِ إلاّ قصار

عندي لأحداُ الليالي رحيقْ … تردُّ في الشيخ ارتياحَ الشبابْ

كأنما في الكاسِ منها حريقْ … و في يدِ الشاربِ منها خضابْ

و حقها ما هيَ إلاّ عقيقْ … أجريتُ أنفاسيَ فيهِ فذابْ

فاجنِ المنى بينَ الطلى والطلا … واقدحْ على الأقداح منها شرار

وقُلْ لناهٍ ضلَّ عَنْهُ نُهاهْ … كَفى الصِّبا عُذراً لخلعِ العِذار

ولَيْلة ٍ مسودَّة ِ المفرِقِ … مَدَّتْ على وجهِ الضُّحى أَطنبه

واللّيْلُ هادي السربِ لا يتَّقي … والصبحُ قَدْ نامَ فَلمّا انتبه

أرسل بالفجرِ إلى المشرقِ … فارْتَفَعَتْ رايتُهُ المذهَبه

وانتَبَهَتْ للشُّهبِ تلكَ الحلى … و فاضَ في الأفاقِ نهرُ النهار

مثلَ أبي العيش تجلى سناهْ … في مظلمِ الخطبِ فجلى الغمار

يا مشرفاً يرجى كما يتقى … يا مُنقِذ الغرقى وآسي الجراحْ

أحللتَ من قلبكَ حُبَّ البَقا … منزلة َ المالِ بأيدي الشحاحْ

والشكرُ أضحى حُسنُهُ مورقا … لما سقاهُ منك ماءُ السماحْ

كَمْ مِعصمٍ للمجدِ قَدْ عُطِّلا … فصغتَ من حمدكَ فيهِ سوار

و كمْ ثناءٍ قدْ توانتْ خطاهْ … كسوتهُ ريشَ الأيادي فطار

فجِّرْ على الطرسِ صحيحاً عليلْ … مؤلّفاً بَيْنَ الدُّجَى والسّنا

كالصخرة ِ الصماءِ لكنْ يسيلْ … ريقاً كريق النَّحلِ عذب الجنى

عجبتُ منهُ من قصيرٍ طويلْ … وذي ذبولٍ مثمرٍ بالمُنى

هامَ صغيراً في طلابِ العلا … حتى علتهُ رقة ٌ واصفرار

وإنّما الرقَّة ُ أسنى حلاهْ … لَيْس الضنى عيباً لبِيض الشِّفار

ما الدهرُ في التحقيقِ إلا هجيرْ … و أنتَ ظلٌّ منهث للائذينْ

ما زلتَ في المجدِ قليلَ النظيرْ … مكثّرَ العافِينَ والحاسِدينْ

فاحبسْ على الجودِ لواءَ الأميرْ … سيفاً وخذْ رايته باليمينْ

دمْ لمنِ استرشدَ أو أقللا … أعْذَبَ مَوْرُودٍ وأهْدَى مَنار

و لا يزلْ مجدكَ تفري ظباه … وجُرْحُها عِنْدَ اللّيالي جُبار