دمغت شموسُ الحق ليلَ الباطل – ابن شيخان السالمي
دمغت شموسُ الحق ليلَ الباطل … ومحت أكفُّ العدل رسمَ الجاهلِ
وتمايل الإِسلام أعطافً متى … قامت بنوه له بنصر عاجلِ
والعدل يصعد راقياً درج لاعلا … والجور يهبط هاوياً في السَّافلِ
وإذا تصادمت الكتائب والظُّبا … حكمت بما يرجوه قلب الآملِ
وارى عداواتِ الرجال يُزيلهَا … وقع الحديد يُقِلَ راس المائلِ
من يجعل الأسلام أصلاً يحترس … من أن يُدنسه بشيْءٍ هازلِ
من يَحظ بالتوفيق يمضي مسرعاً … كالبرق في جسر المقام الهائلِ
من يعتصم بالله يَلْقَ وقاية … من كل صدمة واقع أو قائلِ
من يَرْجُ غير الله في الجلىّ ارتمى … في هُوَّة الأمر الشديد النازل
من يُكرِمِ الأحرار يحمد غِبَّة ال … عقبى بطَول لا يزول وطائلِ
في الناس أخلاق السباع فذَا على … هذا بظلم يستطيل وباطلِ
والرفق أنفع في عمومِ مصالحٍ … والسيف أقمع في زوال الباطلِ
ولقد علمتُ الداءَ قِدماً والدوا … وبكل قرح في البرية سَائلِ
فالاحتماء عن المضرَّة لازم … والقطع للمستأصل المستاكل
والناسُ أهل ضلالة لم يَهدِهم … للحق غيرُ مكارهٍ وسلاسلِ
وحوادث الأيام دولابية … تجري معاكسة بحكم حائلِ
والدهر ذو غِيرٍ فكم من سَاكتٍ … بالفكر أفصحُ من لسَانِ القائلِ
إن كنتَ لم يزجرك عقلك في الذي … تخشى ولا دين فخف من غائلِ
صانع لنفسك ما استطعتَ ولا تكن … لأسود بيشة مضغة للآكلِ
إن كنتَ تطلب راحةً وسلامة الدُّ … نيا فَرُحْ فيها بقدر خاملِ
كم معشرٍّ رتعُوا بنعمة محسن … وهمُ بحبّ عدوّه في شاغلٍ
عزُّوا بِعزه وأبدَوا حربه … بغضاً أتلك تكون حال العاقلِ
حقٌّ الكَفور زوال نعمته ومن … يشكر ففضل الله ليس بزائلِ
ولرب قوم وافقوا أهل الهدى … وسَموْا بسبق الفضل بين قبائلِ
ولربما فضحتهم البلوى ففرّ … وا عن أولي التقوى فرارَ الجافلِ
يا آل حرَّاص مضى زمن لكم … في نصرة الاسلام همة كافلِ
ولقد حوى شرفاً سلالة طالب … منكم فمات على الجميل الآهلِ
هذي صفاتُ الليث ما للشِبل لا … يقفوه أم فيه فتورة ذاهلِ
هلاَّ سلكتم في الرشاد طريقة … بأواخر مقرونة بأوائل
أم هذه أهواءُ نفسانيةٌ … فيكم تسلسل أمرُها من وائلِ
يا ليتكم لم تحربوا ووقفتم … عنَّا وقوف محمد بن الفاضلِ
لو كان عندكم لهل العدل من … ود صبرتم للمُلِمّ النَّازلِ
أحسبتم إن الرقيشي اجترى … جهلاً بكم هيهات ليس بجاهلِ
أو ليسه والي الامام وفعله … عن أمره حق وليس بباطلِ
لو كان كل القتل جوراً لم يكن … بين الضلالة والهدى من فاصلِ
والله قد شرع الشرائع لم يدع … فيها اختياراً للمريد الآملِ
وأئمةُ العدل الخلائفُ في الهدى … للأنبياء فلا جواز لعاذلِ
والله أنزل في الكتاب عقوبة ال … باغي وأوضح وهو أحكم فاصلِ
ولمن يحارب ربَّه ورسوله … فجزاؤه ما قال أصدقُ قائلِ
ولقد فشا من شيخكم خلفان ما … ضاقت به نخل بحمل الكاهلِ
تغيير أحوال ونصب مكائد … وتَلاف أموال وقتل أفاضلِ
وأمور نخل لا تزال كثيرة … ما بين والدة وأخرى حاملِ
مذ كان أصل الجور منها غائباً … ردوه فيها للصلاح الشاملِ
قد اخطؤوا نظراً فإنَّ حضوره … قد زاد بغياً في القيام الطائلِ
واختار موسى جاهداً من أمره … سبعين فانقلبوا بحالة جاهلِ
ما كل مجتهد يصير موفقاً … في الخير أجر باجتهاد العاملِ
حتى تَشَاهر أمر خلفان وزاد … الهيل صبّاً فوق كيل الكائلِ
فأقام رب الخلق عبداً باسلاً … فأذاقه حر الحديد العاملِ
لله أنت فتى حمود لم تزل … سيفاً يقطّع كل باغ غائلِ
لو لم يكن في عبس غيرك حسبُها … شرفاً فكيف وهم كرمل حافلِ
لله يومك يا سلالة سالم … فلقد أذقت الجور ثُكْلَ الثاكلِ
ابني رقيش أنتم أهل الهدى … وفَنَا العِدا وبنو الوغى والنائلِ
لما رأت حراص قتل أميرهم … جمعوا جموعهم لقتل القاتل
من آل حراص وذيبان وأب … نَاء السياب وجمع عوف الصَّائلِ
ذبيان أهل الطولا الأقصون وا … لأدنون من حرب السَّيابي الواصلِ
آساد كل عريكة وُرَّاد كل … شديدة أبطال كل مَقاتلِ
طلبوا زوال العار عنهم في الدُّنا … والنارُ في الأخرى أشرّ منا زلِ
أوما دروا أنَّ البُنوّة في الهدى … ترمي الابوّة في الضلال العائلِ
هذي الصَّحابة بعضهم عادى أبا … هُ أو ابنَه في الكفر عند تقابلِ
قد آثروا ديناً رَضي المولى ولم … تأخذهم فيه حميّة جاهلِ
وجنود حَّراص أبوا إلا الردى … بالمسلمين أو انقياد الفاعلِ
كم باذلٍ من ودّه نصحاً لهم … يا قومَنا للنصح هل من قابل
وإذا الهوى استولى على قلب الفتى … لا ينثني عنه بعذل العاذلِ
حَذَر الفتى لم يغنِ عن قدَر وإن … حان القضا ضاق الفضا بالنازلِ
ايغالِبُون الغالبين ومن لهُ … حول على حرب القوي الطائلِ
فتهافتوا بجنودهم وثباً على … نخل وسدوا كل ثغرٍ مائلِ
سدُّوا منافذها ولو أنَّ الصبا … مرّت بها رجعت بأقوى حائلِ
واستنزلوا العاقوم من فيه ولم … يدَعوا لأهل الحصن وقفة قائلِ
شادوا مقاعد للقتال وقبَّلوا … بالصُّمْع أوجُهَ كل قرم باسلِ
وتمكنوا في نَخْل شاذانٍ ولم … يدفعهم من أمل أو ماهلِ
قد زيّن النجدي حربَ … المسلمينَ لهم فأوقعهم بسر آيلِ
واستقبلوا الحصن المنيع ودونه … شهُب تَخطّفُ كل باغٍ خاذلِ
وامتدت الأعناق من قوم لهم … بمعاقل الإِسلام قصدَ محاولِ
واستقرحوُا نفقاً له وتطاولت … فيهم لحصرهم غواية جاهلِ
وتكاثرت فيهم ظنون أنَّ في … حزب الهُدى ضعفاً وطولَ تكاسلِ
فنما الصريخ إلى الامام وحزبه … يا غادة الله اغضبي بالعاجلِ
يا غيرة الاسلام هل من نجدة … تدع الضلال مجندلاً بجنادل
هذي جنود الاعتدا فمتى الهدى … يرمي العِدا بصواعق وزلازلِ
فأتى الإِمام أبو الخليلِ محمدٌ … أكرمْ بذيّاك الامام العادل
تاج العلا بدر الدجى شمس الضحى … دهر الهدى قهر العدى والناكلِ
انسان عين الدهر عنوان الهنا … نور الدُّنا أقصى المُنى للآمل
زهرت به الدنيا وطاب مقامها … وحَلَتْ لنا بمشارب ومآكلِ
ذو رحمة للمهتدين ونقمة … للمعتدين ونعمة للسَّائلِ
متهلل للنائبات محلل … للمشكلات مكشِّف لنوازلِ
بحر طمى علماً وجوداً للورى … والمستفيدِ وللفقيرِ العائلِ
لا يغضبن لنفسه لكنه … لله لا تثنيه صولة صائل
غوث الأنام و بهجة الأيام من … هل الغمام بصاعق و بنائل
محيي رفات الدين جامع شمله … بالمرهَفات وبالرشاد الحاصلِ
حاز العلا إرثاً وكسباً فاستوى … فيها على كرسي المقام الكاملِ
أمسى لسالمٍ الإِمام خليفةً … وأقام مثل مقامه المتماثل
فرعان نافا من أعالي هضبةٍ … قد اثمرت عِزَّ الطريق الفاضلِ
أما الامام أبو خليلٍ فهو في … نشر العلوم غدا عديمَ مماثلِ
وإذا الشدائد ضيّقت حلَقاتها … رُميتْ بكشفٍ منه كاف كافلِ
ولذاك أقبل ماحياً جيشَ البغ … اة ومثبتاً أمر الرقيشي الباسلِ
أفضى الامام على البغاة عرمرماً … تهتز منه الأرض هزّ الذابل
بحر طما متلاطم أمواجه … في قعره غرقت عصائب وائلِ
متأجج ناراً كأنّ لهيبَه … سقرٌ مُحرّقةٌ زروعَ أباطلِ
حفت بنصر عاجل راياته … وظُباته طبعت بسم قاتلِ
لا يوم زحزحة ولا خضرية … يحكيه وقع تدافع وتداخلِ
كم نازل هو قاصف لمنازل … ومقاتل هو عارف بمقاتلِ
عبس هناة حمِيْرَ حكم خرو … ص ذهل شيبان وشمس معاولِ
وبنو شكيل فيهم وقبائل الر … ستاق مقدمة الهلال الكاملِ
من آل بدر سيد متواضع … ساد الورى بفضائل وفواضلِ
وبنو خروص فيهم الشيخ المجا … هد ناصر صنو الإِمام الفاضلِ
لله جاد بنفسه وبماله … وسما ولاتَ منازل ومناصلِ
وجميع هاتيك القبائل سُبَّقٌ … للمكرمات ورُشّق بالنابل
كل غطارفة جحاجحة الوغى … شادوا العُلا بمكارم وشمائلِ
وأتى أمير الشرق والغرب الذي … سكنت به الدنيا بحجم فضائلِ
عيسى الأمير العادل الغوث الذي … كشف الخطوب بعزمه المتواصلِ
كهف البرية مظهر الاسلام نصّ … اب الأئمة في الصلاح الشاملِ
لولاه ما قامت بنزوى دولة … بعد الخروصي الشهيد العادلِ
وكذلك الرستاق تشهد إنها … لولاه قد صارت بحال عاطلِ
وكذاك نخلُ على شفا فسرى لها … بجحافل موصولة بجحافلِ
في يحمد في آل عيسى في بني … حبس وآل وهيبة بذلائلِ
في مالك وبني علي في الشبول … بكل ليث في العرينة شابلِ
في آل همدان واخوتهم ندا … ب وشيخ نفعا في رؤوس قبائلِ
الواردين الموت أطيب مورد … والصَّادرين على الجميل الآهلِ
والعارفين الله في مسعاهم … في عاجل طلبوا رضاه وآجِلِ
والناشرين شعائر الاسلام في … اقطارهم ببنادق ومناصلِ
والمعلنين لكِلَّمة التوحيد وال … معلين واجبها بأسمرَ عاسِلِ
والباسطين أكفهم ووجوههم … في النازلين وفي الزمان البازلِ
والمخضبين سيوفهم بدم العدا … بسيوف حقٍّ في الدماء نواهلِ
سار الأمير بهم مسير البدر في … ظلل الغمام إلى المكان الماحلِ
لم يبقَ عند مرورهم من موضع … إلا وكاد يسير إثْرَ الواحل
ِساروا وليلة ثامن وصلوا فكم … من نُجْح أمر قابل في الواصلِ
والمسلمون بمسلمات تماوجوا … كالبحر يقذف موجه بالسَّاحلِ
وأرى المعاول كالأسود تجمعوا … في مسلمات مع اللهام الحافلِ
حتى انتهوا وترادفت رسل إلى … نخل بنصح قبل صدمة نازلِ
لم يقبلوا نصحاً وكلهم أبوا … إلا القتال ببادرات قواتلِ
فتوشح الغضَب الإِمامُ وأقبلوا … لوجوه نخل كالجراف السَّائلِ
أسرى إليها المسلمون وأطبقوا … بجهاتها كخواتم بأنامل
قدموُا قبيل الصبح ليلة عاشر … بالعيد من ذي الحجة المتكاملِ
لم يغفلوا عن يوم نصرتهم فأرّ … خ كلها والله ليس بغافلِ
صلوا الغداة امامها واستقبلوا … صدر العدا بضياء وجه كاملِ
لله در عصابة قدموا على … نخل سحيراً كالقضاء النازلِ
وَهْبيّة التوحيد مرداسية التج … ريد محبوبية المتباهلِ
بذلوا نفوسهم النفيسة قربةً … لله مغتنمين ربح الباذلِ
والحور مشرفة لتكرم ضيفها … تهتز بين أساور وخلاخل
وقعوا على الأعدا وقوع النسر من … جو السماء على المكان النازل
فتوقدت نار الوغى و تصادم … الجمعان في رهج عظيم هائل
فالأفق بالبادود مظلمة ول … كن أشرقت في ضوئه بمشاعل
ضاءت وأصعقت البنادق وانكفت … كرواعد وبوارق ومخائل
والحصن فتَّح أهلُه أبوابَه … فغدوا كأسد للكما أو أكل
وعلا القَتام من الضرائب واختفت … عين السماء وما لها من كحل
حتى استبان الخطب عن قتلى وعن … جرحى أفاضلَ جمّةٍ أسافِل
لم ينحروا للعيد ما اعتادوه في … هِ سوى ضحايا سادةٍ وعباهل
يا صبح ذاك اليوم كم من حسرة … في قلب أيتام عنت وأرامل
كم باسل ورد الوغى صِرفاً وكم … من فاضل شهد الحمام وفاضل
شهداء قد حيا الفَنَا أرواحَهم … في طير خضر أُودعت بحواصل
والنصر صح لدى الامام وحزبه … والقهر حلَّ على حماة الباطل
حرَّاص من نخل تمزق جمعهَا … كسَبا تمزق أهلها من بابل
كم من جريح أو قتيل أو أسي … رٍ أو هزيم هالكاً بمجاهل
فقصورهم قد هدمت وجنانهم … قد صرّمت وسلاحهم في الشاعل
والبرج هدَّم برج عاقوم وما … منه يخاف من البناء الخاتل
وسُقِي حُمودٌ نجلُ سالمٍ الردى … من حَرّ ماضٍ للغلاصم فاصل
وتشوّهت نخل وجوهاً بعدما … كانت عروساً في الشباب الخاذل
يا ساكني نخل عجيب أمركم … صرتم مع الأعدا أشرَّ مقاتل
أوَ ما تقدم منهم محنٌ لكم … وغصصتم منهم بحر مناهل
أوَ ما رميتم بالصغار وبالوبا … رِ وبالشنار وبالنكال الخابل
أيليق فرعاً أن تعادوا خصمهم … ويحلُّ شرعاً نصر باغ غائل
لكنكم أنتم توابع غاشم … لا تخضعون إلى الرحيم العاقل
هلا سلكتم في رعاية حالكم … وصلاحه نهج الحكيم القائل
لالا أذود الطير عن شجر جني … ت المرّ من ثمر له متهادلٍ
فتندمُوا وتنصَّلوا واسترجعوا … إصلاح داركم بِبرّ العاملِ
وأمير حمير وارد بجنوده … حرباً كأسعد ذي الجيوش الكاملِ
متداركٌ عزّ الامام وحزبه … مستعقب الماضي بنصر العَاجلِ
لم لا يكون معزّزاً وأبوه من … لقوام هذا الأمر أول فاعلِ
حاشاه من أن تعتريه هوادة … أو ميلةٌ من قول لاحٍ عاذلِ
والفرع تابعُ أصلِه وكفى بذا … شرفاً لأصلٍ في الهدى متناسلِ
من آل نبهان الألى ملكوا القرى … بذوابل ومناصل وصواهلِ
هبطوا من الجبل الكبير وفيضوا … أرجاءه مثل السحاب الهاطلِ
وجدوا الدِما جفّت وجذوتها انطفت … وثغورها مفتوحة للداخِلِ
يا وقعة حلَّت بنخل شابهت … نفعاً قديماً في حديث الناقلِ
ولها إمام الأرض عِزّان وشيخ … العلم مرشده لخير شاملِ
علاَّمة الآفاق جَدُّ إمامنا … ذاك المجلي في الظلام السَّادلِ
نثر العلوم أجلها وأدلها … بمسائل للباقيات وسائلِ
لله عزان بن قيس مَنْ سخا … بالعدل في ذاك الزمان الباخلِ
من أحمد بن سعيد الأصل الذي … نارت عمان بعدله المتطاولِ
والحمد لله الذي أجلى الصَّدى … بترنم من شاديات بلابلِ
قل للذي يبغي انتقاص بدائعي … إني أُغرِّقُه ببحر الكاملِ