خليليَّ إنَّ الأكرمين تقدموا – ابن شيخان السالمي

خليليَّ إنَّ الأكرمين تقدموا … فلا أُنس في هذا التصبُّر عنهمُ

خليليَّ ساروا بالغَداة وخلَّفوا … هموماً بقلبي دائماً تتضرَّمُ

وكانت بهم أيامنا ذاتَ بهجة … إلا إنَّ أيام الهنا تتصرَّمُ

لقد سلكوا نهجاً به الخلق سالكٌ … وأمُّوا إلى دار لها الخلق يمّمُوا

سرى بعضهم ليلاً وبكر بعضهم … نهاراً وبعضٌ بالعشيّة يهجمُ

أبعد ارتحال الأهل والصحب لذةٌ … وهل لذة والموت أمرٌ محتمُ

وداء الفنا مستفحل متحكم … تعايا به الآسي وحار المنجِّمُ

فبَيْنَ الفتى في قوة وجراءة … إذِ اقتاده داعي الفنا وهو مرغمُ

يروح ويغدو في التلذذ والهنا … على أن عيش الخلد أهنا وأدومُ

وما لذةُ الدنيا وما طيِّباتها … فهل يوجد المحبوب إلاَّ ويعدمُ

يطالع دمعي ما بقلبي حرارة … على أنَّ دمعي من فؤادي مترجِمُ

وكان لنا بدر من النسل مشرق … فغارَ به من طارق الخطب أدهمُ

به ليلنا في بهجة ومتى انقضى … فلا تسألَنْ عن ليلنا فهو مظلمُ

سليمان لا تبْعد وصبراً على البَلا … فما أحد من أسهم الموت يسلمُ

فإن تكُ غالتكَ المنايا بِسهمهَا … فقد حلَّ في أجسَامنا منك أسهمُ

وإن عظمت فيك المصيبة فالذي … بأنفسنا من خطب فَقْدِكَ أعظمُ

وما أخذ الرحمن من خلقه فلا … هضيمةَ والانسان بالقتل يُهضَمُ

فإن بتَّ مقتولاً من الليل غِيلةً … فقاتلُك المقتولُ لو كان يعلمُ

فلا بدَّ شيء يختفي من وضوحه … وما قد خفاه الليل بالصُّبح يُفهَمُ

وليسَ عجيباً قتل مثلك كم مضى … كمثلك مقتولاً هُمامٌ وضيغمُ

ولا بدَّ لي من نهضةٍ قرشية … تصدِّع صُمَّ الراسيات وتَصْلِمُ

وما الناسُ إلا أنفس سَبُعيّةٌ … يطاول هذا نفسَ هذا ويظلِمُ

وللموت أسباب وفي البعض فجعة … وأهلوهُ شتى منهم البعض أكرمُ

عزاءً وصبراً يا سعيد فإنمَّا … مصير بني الدنيا إلى الموت يُحْتمُ

ومن كانت الدُّنيا وعاءً لجسمه … تغير من حيث الوِعَا متثلمُ

وبالخَلف الباقي عليّ ونجله … حمود لنسل عن سليمان يلزمُ

وأمَّا علي فهو خير بقيَّةٍ … من النسل محمود الخلائق أكرمُ

حليم أحبته الخلائق طيبٌ … لقاهُ وسيع الصدر أصيد ضيغمُ

فلا زلتمُ في طول عمر ونعمة … تفيض ورب العرش بالخلق أرحمُ