خذوا حديث غرامي عن ضنا بدني – ابن القيسراني

خذوا حديث غرامي عن ضنا بدني … أغنى لسان الهوى عن دمعي اللسن

إذا استقل محل السر محتملا … عن الضمير فهل يبقى سوى العلن

وخبروني عن قلبي ومالكه … فربما أشكل المعنى على الفطن

من ذا الذي ترهب الأبطال صولته … زيد الفوارس أم سيف بن ذي يزن

وما جفون إذا سلت صوارمها … تجاذبت مهج الأقران من قرن

هذا الذي سلب العشاق نومهم … أما ترى عينه ملأى من الوسن

تفرق الحسن إلا في محاسنه … ويلاه من فتن جمعن في فنن

إذا الصبابة عاطتني مدامتها … فما فؤادي على سر بمؤتمن

أمسى غرامي بذاك القد يوهمني … أن اعتلال الصبا شوق إلى الغصن

أعيا اللوائم سمعي غير لائمة … للشيب مالت إلى عيني عن أذني

حتى إذا ما تناهى العذل عن كلفي … قامت إلي بنات الدهر تعذلني

فما ثنت ناظري عن منظر حسن … حتى أرتني مكاني من أبي الحسن

وكيف يخشى جناني مس حادثة … وقد جعلت صفي الدين من جنني

فتى يجاوز بالآمال غاياتها … حتى ترى في المنى ما ليس في المنن

المشتري الحمد غضا من معادنه … يغضي على الغبن فيه لا على الغبن

يعتد بذل عطاياه لطالبها … من الفروض عليه لا من السنن

حتى كأن خطوط الكف من يده … كتاب وقف على الإحسان والمنن

يولي وينسى الذي أولاه محتقرا … كأن ما كان من نعماء لم يكن

أرى الوفود رباع الجود عامرة … من بعد ما وقفوا منها على دمن

إذا احتبى الحلم في حضن رياسته … رأيت عقد الحبى منه على حضن

معترك الوفد هذا قد قضى عللا … من راحتيه وذا في ساحة العطن

تمده من بني العجلان مأثرة … بمثلها فخرت قيس على اليمن

قوم إذا ناظروا عن سرح جارهم … تكلمت ألسن الخطية اللدن

تجول أسيافهم في قلب من وتروا … مجالها موهنا في أعين البدن

إذا تهادوا بها في البرك آونة … شفوا نحول الظبي من ذلك السمن

إذ لا ترد ذراها عن قوائمها … ولا تحامي عن اللبات باللبن

ترى القوائم تبدي في أكفهم … مباسم الجود بين السيف والسفن

كأنهم عندما جاد الزمان بهم … تخيروك له جودا على الزمن

فلا تعفت سبيل من مكارم … أصبحت من نهجها إلا على سنن

يا ناصح الدولة الإحسان مرتهن … على الثناء وهذا ما على الرهن

والعيد عندي كيوم عاد ذاهبه … وإنما فعله من فعلك الحسن

فاحرز به حبرات الحمد مطرحا … ما يصنع القوم في صنعاء أو عدن

من اللواتي إذا غالى الكرام بها … في موطن لم يراعوا مبلغ الثمن

غراء إذ حللت من معشر أجنا … فربما عاقدت قوما على الأجن

كأنها بعد إعلان الضمير بها … لا تستخير سوى الأسماع من وطن

ترى البصائر في صافي بلاغتها … ما في سواها من الأقذاء والدرن

والشعر مرآة عقل يستدل بها … على موازنة الألباب والفطن

فلا تغرك أشباح معطلة … فإنما الشعر مثل الروح في البدن