حيَّ الديارَ على سفي الأعاصيرَ – جرير
حيَّ الديارَ على سفي الأعاصيرَ … أسنَنكَرَتْنيَ أمْ ضَنّتْ بتَخبيرِي
حيَّ الديارَ التي بلى معارفها … كلَّ البلا نفيانُ القطرِ والمورِ
هلْ أنتِ ذاكرة ٌ عهداً على قدمٍ … أُسقِيتِ مِنْ سَبَلِ الغُرّ المَباكِيرِ
هَلْ تَعرِفُ الرَّبعِ إذ في الرَّبعِ عامرُه، … فَاليَوْمَ أصْبَحَ قَفْراً غَيرَ مَعمُورِ
أوْ تُبْصرَانِ سَنَا بَرْقٍ أضَاء لَنَا … رملَ السمينة ِ ذا الأنقاءِ والدور
ما حَاجَة ٌ لَكَ في الظُّعنِ التي بَكَرَتْ … منْ دارة ِ الجأبِ كالنخلِ المواقيرِ
كادَ التذكرَ يومَ البينْ يشفعني … إنَّ الحليمَ بهذا غيرُ معذورِ
ماذا أرَدْتَ إلى رَبعٍ وَقَفْتَ بِهِ، … هَلْ غَيرُ شَوْقٍ وَأحزَانٍ وَتَذكيرِ؟
ما كنتَ أولَ مخزونٍ أضربهِ … بَرْحُ الهَوَى ، وَعَذابٌ غَيرُ تَفْتِيرِ
تَبِيتُ لَيْلَكَ ذا وَجْدٍ يُخامِرُهُ، … كأنَّ في القلبِ أطرافَ المساميرِ
يا أُمّ حَزْرَة َ إنّ العَهْدَ زَيّنَهُ … ودٌّ كريمٌ وسرٌّ غيرُ منثور
حَيّيْتِ شُعْثاً وَأطْلاحاً مُخَدَّمَة ً، … وَالمَيس مَنقُوشَة ً نَقْشَ الدّنَانِيرِ
هل في الغواني لمنْ قتلنَ منْ قودِ … أو منِ دياتٍ لقتلِ الأعينُ الحورِ
يَجْمَعنَ خُلْفاً وَمَوْعوداً بخِلْنَ بهِ … إلى جَمَالٍ وَإدْلالٍ وَتَصْوِيرِ
أما يزيدُ فانَّ اللهَ فهمهُ … حكماً وأعطاهُ ملكاً واضحَ النورِ
سرنا منَ الدامِ والروحانِ والأدمى … تنوي يزيدَ يزيدَ المجدِ والخيرِ
عيدِيّة ٌ بِرِحَالِ المَيْسِ تَنسُجُها … حَتى تَفَرَّجَ مَا بَينَ المَسَامِيرِ
خوضَ العيونِ إذا استقبلنَ هاجرة ً … يُحسَبنَ عوراً وَما فيهِنّ من عُورِ
تخدي بنا العيسُ والحرباءُ منتصبٌ … و الشمسُ والجة ٌ ظلَّ اليعافيرِ
مِنْ كُلّ شَوْساءَ لمّا خُشّ نَاظِرُها … أدْنَتْ مُذَمَّرَها من وَاسطِ الكُورِ
ما كادَ تَبلُغُ أطْلاحٌ أضَرّ بِهَا … بُعْدُ المَفَاوِزِ بَينَ البِشْرِ وَالنَّيرِ
مِنَ المَهَارِي التي لمْ يُفْنِ كِدْنَتَها … كرُّ الروايا ولمْ يحدجنَ في العيرِ
صَبّحنَ في الركبِ، إنّ الركبَ قحَّمهم … خِمْسٌ جَمُوحٌ فهَذا وِرْدُ تَبكِيرِ
قَفْرَا الجَبَا لا تَرَى إلاّ الحَمَامَ بِهِ … مِنَ الأنِيسِ خَلاءً غَيرَ مَحضُورِ
تَنفي دِلاءُ سُقاة ِ القَوْمِ إذُ وَرَدُوا … كالغِسْلِ عن جَمّ طامٍ غيرِ مجْهورِ
كأن اوناً به منْ زيتِ سامرة ٍ … وَلَوْنَ وَرْدٍ مِنَ الحِنّاء مَعصُورِ
لما تشوقَ بعضُ القومِ قلتُ لهم … أينَ اليمامة َ منْ عينْ السواجيرِ
زوروا يزيدَ فانّ اللهَ فضلهُ … و استبشروا بمريعِ النبتِ محبورِ
لاَتسْأمْوا للمطايا ما سَرَينَ بِكُمْ … و استبشروا بنوالٍ غير منزورِ
و استمطروا نفحاتٍ غير مخلفة ٍ … منْ سيبِ مستبشرٍ بالملكِ مسرورِ
سرنا على ثقة ٍ حتى نزلتُ بكم … مُسْتَبشِراً بِمَرِيعِ النّبْتِ مَمطُورِ
لما بلغتَ إمامَ العدلِ قلتُ لهمْ … قد كانَ من طولِ إدلاجي وَتَهجِيرِي
فاستَوْرِدُوا مَنهَلاً رَيّانَ ذا حَبَبٍ … مِنْ زَاخِرِ البَحْرِ يَرْمي بالقَرَاقِيرِ
لقد تركتَ فلا نعدمكَ إذْ كفروا … لابنِ المُهَلّبِ عَظْماً غيرَ مَجبْوُرِ
يا ابنَ المُهَلّبِ إنّ النّاسَ قد علِموا … أنَّ الخلافة َ للشمَّ المغاويرِ
لا تَحسِبَنّ مِرَاسَ الحرْبِ إذ خطَرتْ … أكلَ القبابِ وأدمْ الرغفِ بالصبرِ
خَليفَة َ الله إنّي قد جعَلتُ لَكمْ … غراً سوابقَ منْ نسجي وتحبيري
لا ينكرُ الناسُ قدماً أنْ تعرفهمْ … سبقاً إذا بلغوا نحزَ المضاميرِ
زَانَ المَنَابِرَ، وَاختَالَت بمُنْتَجَبٍ … مثبتٍ بكتابِ اللهِ منصورِ
في ألِ حربٍ وفي الأعياصِ منبتهٌ … همْ ورثوكَ بناءً عاليَ السورِ
يستغفرونَ لعبدِ اللهِ إذ نزلوا … بالحوضِ منزلَ إهلالٍ وتكبيرِ
يكفي الخليفة َ أنَّ اللهَ فضلهُ … عزمٌ وثيقٌ وعقدٌ غيرُ تغريرِ
ما ينبتُ الفرعُ نبعاً مثلَ نبعتكمْ … عِيدانُها غَيرُ عَشّاتٍ وَلا خُورِ
قدْ أخرجَ اللهُ قسراً منْ معاقلهمْ … أهْل الحُصُونِ وَأصْحاب المَطامِيرِ
كمْ منْ عدوٍ فجذَّ الله دابرهمْ … كادوا بمَكْرِهِمُ فارْتَدّ في بورِ
وَكانَ نَصراً منَ الرحمنِ قدّرَهُ؛ … و اللهُ ربكَ ذو ملكٍ وتقديرِ