حياة المرء اشبه بالظلال – محمد حسن أبو المحاسن

حياة المرء اشبه بالظلال … وهل ظل يكون بلا زوال

وما تخفى الحقيقة غير أنا … نفر من اليقين إلى المحال

لنا من هذه الدنيا خدوع … تجمل وهي فاقدة الجمال

تنغص خشية الهجران وصلا … تجود به فنشقى بالوصال

يظن سرابها الظمأن مآء … وكم غر الظماء وميض آل

فمن ظمآن لم ينقع غليلا … واخر غص بالماء الزلال

وفي الأيام موعظة وذكرى … تفيد العارفين من الرجال

اهابت بالملوك فأسلمتهم … قصورهم إلى عفر الرمال

وقد سلبوا نعيم العيش قسراً … فمر كانه طيف الخيال

وما ردت حمام الموت عنهم … شفار البيض والسمر العوالي

متى تسأل ديار القوم عنهم … يرد لك الصدى عين السؤال

فتلك الألسن الماضي شباها … رمتهن المنية بالكلال

فهاهة باقل نزلت بقس … وكان يسيل سيلا بالمقال

أأرباب اللسان لأي أمر … تخليتم عن السحر الحلال

على ان ليس يعجزكم بيان … إذا حدثتم بلسان حال

وعظتم غير أنا قد لهونا … فلم يخطر لكم وعظ ببال

نغالي بالنفوس وتعترينا … منايانا فترخص كل غال

نجهز بالرجاء وبالأماني … جيوشا غير صادقة النضال

وكيف يفوز للامال جيش … تطارده فتهزمه الليالي

فكم فجعت محبا في حبيب … ففارقه كئيباً غير سال

له من لاعج التذكار قلب … لنيران الأسى والحزن صال

كان دموعه لما استقلت … ظعون الحي منهل العزالي

يطالع طرفه زهر الدراري … كان من الغرام بها امالي

يؤرقه الوميض إذا تجلى … سنا برق بذي سلم وضال

وتصبيه منازل آل ليلى … إذا لاحت منازلها الخوالي

نعم كل اجتماع لافتراق … وغاية كل وصل لانفصالا

رمى أم البنين الزهر خطب … يعز على المكارم والمعالي

محجبة تمثل من حجاها … وستر عفافها اسنى مثال

تضمنت الخدور لها المزايا … فاضحت وهي اصداف اللئالي

تحلت بالفخار فما عليها … إذا عطلت وجيد الفخر حال

نقي جيبها ارج شذاها … بطيب شذا المحامد لا الغوالي

ولولا الفضل ما كانت لتحظى … بمدح ذوي الحجى ذات الحجال

ولكن الفضيلة ذات شأن … سواء في النساء وفي الرجال

كريمة معشر ولدت كراما … هم للمكرمات اعز ال

وكلهم جدير ان يردى … بأردية السيادة والجلال

وابلج يستخف ندى يديه … نطاف المزن والسحب الثقال

يحيى وفده طلق المحيا … مصون المجد ذا وفر مذال

ثمال المرتجي يأوي إليه … إذا يأس الرجاء من الثمال

وفي السنة الجماد له يمين … تجير المجدبين على الشمال

تسد على النقيصة كل نهج … نقيبته فتسمو بالكمال

تلم به النوائب لا المت … بساحة لا الجزوع ولا المبالي

فليس يعد في الأيام رزء … وحاشاه سوى رزء المعالي

نماه كل ابلج من قريش … يضيء هداه داجية الضلال

كأن جبينه والخطب داج … عمود الصبح أو قوس الهلال

من النفر الألى رفعو مناراً … من الايمان ساطعة الذبال

فهم سلكوا بنا نهج المساعي … وهم سنوا لنا كرم الفعال

اخذنا الصبر عنهم في الرزايا … وان يك صبرهم صعب المنال

فيا خير الفروع الست أولى … بما شرع الأصول من الخصال

قتلت حوادث الدهر اختبارا … فما تلقى الحوادث باحتفال

وعزمك دونه البيض المواضي … وحلمك دونه شم الجبال

تعز ففي عزاء الله روح … وفوز بالجزيل من النوال

وكل رزية جلل إذا ما … بقيت لنا بسعد واقتبال