تَنازَعُني الآمالُ كَهلاً ويافِعا – ابن سهل الأندلسي
تَنازَعُني الآمالُ كَهلاً ويافِعا … ويُسعِدني التعليلُ لو كانَ نافِعا
وما اعتَنَقَ العَليا سوى مُفرَدٍ سرى … لهَولِ الفَلا والشوقِ والسَّوقِ رابعا
رأى عزماتِ الشوق قد نوعتْ به … فساعدَ في اللهِ النوى والنوازعا
و ركبٍ دعتهمْ نحو ” يثربَ ” نية ٌ … فما وجَدتْ إلاَّ مُطيعاً وسامِعا
يُسابقُ وَخْدَ العِيس ماءُ شؤونهم … فيفنون بالشوقِ المدى والمدامعا
إذا انْعطفوا أو رجَّعوا الذكرَ خلتَهم … غُصُوناً لِداناً أو حَماماً سواجعا
تضيءُ من التقوى حنايا صدورهمْ … وقَدْ لَبِسوا اللّيْلَ البهيم مَدارعا
تلاقى على وادي اليَقينِ قلوبُهمْ … خوافِقَ يُذْكِرْنَ القَطا والمَشارِعا
قلوبٌ عرَفْنَ الحقَّ فهي قد انطوتْ … عليها جُنوبٌ ما عرفْنَ المَضاجِعا
تكاد مناجاة ُ النبيّ محمدٍ … تَنِمُّ بها مِسكاً على الشَّمّ ذائِعا
تخالُهُمُ النّبتَ الهشيمَ تغيُّراً … و قد فتقوا روضاً من الذكر يانعا
سقى دمعهم عرسَ الأسى في ثرى الجوى … فأنْبَتَ أزْهارَ الشُّجون الفَوَاقِعا
فذاقوا لبانَ الصدقِ محضاً لعزِّهِمْ … وحَرَّمَ تفريطي عليّ المَراضِعا
خُذوا القلبَ يا رَكبَ الحجازِ فإنني … أرى الجِسمَ في أسر العلائِق قابِعا
و لا ترجعوه إن قفلتمْ فإنما … أمانتكمْ ألاّ تردوا الودائعا
مع الجمراتِ ارموه يا قومُ إنه … حَصاة ٌ تَلَقّت من يدِ الشوقِ صادعا
وحطوا رجائي في رجا زمزم الصفا … وخَلّوا المُنى تجمَعْ غَليلاً وناقعا
تخلّصَ أقوامٌ وأسلمني الهوى … إلى علقٍ سدت عليَّ المطامعا
همُ دخلوا بابَ القبولِ بقرعهمْ … و حسبيَ أن أبقى لسنيَ قارعا
و واللهِ ما لي في الدخولِ وسيلة ٌ … ترجى ولكنْ أعرفُ البابَ واسعا
أيَنفكُّ عزمي عن قيودٍ ثقيلة ٍ … أيمحو الهوى عن طِينة ِ القلبِ طابعا
و تسعفُ ” ليتٌ ” في قضاء لبانتي … و تتركُ ” سوفٌ ” فعلَ عزمي المضارعا
إذا شرقَ الارشادُ خابت بصيرتي … كما بعثتْ شمسٌ سراباً مخادعا
فلا الزَّجْرُ يَنهاني وإن كان مُرهِباً … ولا النُّصحُ يَثنيني وإن كان ناصعا
بنيتَ بناءَ الحرفِ خامرَ طبعه … فصار لتأثيرِ العَوامِلِ مانعا
بلغتَ نصابَ الأربعينَ فزكها … بفعلٍ تُرى فِيه مُنيباً ورابعا
وبادِرْ بَوادي السَّمّ إن كنتَ راقِياً … و عاجلْ رقوعَ الفتقِ إن كنتَ راقعا
فما اشتبهتْ طرقُ النجاة ِ وإنما … ركبتَ إليها من يقينكَ ظالعا