تَلَفَّتَ بِالثَّوِيَّة ِ نَحْوَ نَجْدِ – الأبيوردي
تَلَفَّتَ بِالثَّوِيَّة ِ نَحْوَ نَجْدِ … فَباتَ فُؤادُهُ عَلِقاً بِوَجْدِ
وَقَدْ خَلَصًتْ إليهِ بُعَيْدَ وَهْنٍ … صَباً عَثَرَتْ على لَغَبٍ بِرَنْدِ
فهاجَ حنينهُ إبلاً طراباً … تكفكفُ غربها حلقاتُ قدِّ
حثونَ على العراقِ ترابَ نجدٍ … فلا ألقتْ مراسيها بوردِ
وكمْ خلَّفنَ من طللٍ بحزوى … وَسِمْتُ عِراصَهُ مَرَحاً بِبُرْدي
وَلَيِّنَة ِ المَعاطِفِ في التَّثَنّي … ضَعيفَة ِ رَجْعِ ناظِرَة ٍ وَقَدِّ
تجلَّتْ للوداع على ارتياعٍ … من الواشي ينيرُ بنا ويسدي
وقد جعلتْ على خفرٍ تراءى … فتخفي من محاسنها وتبدي
وَكَمْ باكٍ كَأَنَّ الجِيدَ منها … يُوَشَّحُ مِنْ مَدامِعِهِ بِعِقْدِ
شَجاهُ البَرْقُ فَهْوَ كما تَنَزَّى … إليك السِّقطُ من أطرافِ زندِ
تناعسَ حينَ جاذبهُ كراهُ … وقد شمطَ الظَّلامُ، هديرُ رعدِ
فَما لَكِ يابْنَة َ القُرَشِيِّ غَضْبى … أَمَنْسِيٌّ على العَلَمَيْنِ عَهْدي
وبينَ جوانحي شجنٌ قديمٌ … أعدُّ لهُ الغوابة َ فيكِ رشدي
فلا مللٌ ألفُّ عليه قلباً … ولا غَدْرٌ أَخيطُ عليهِ جِلْدي
وإن يكُ صافياً وشلٌ تمشَّتْ … بجانبهِ الصَّبا، فكذاكَ ودّي
وَبي عن خُطَّة ِ الضَّيْمِ ازْوِرارٌ … إذا ما جدَّ للعلياءِ جدّي
فلا ألقي الجرانَ بها مبنّاً … بطيءَ النَّهضِ كالجملِ المغدِّ
ولكنّي أخو العزماتِ ماضٍ … ومرهوبٌ على اللُّؤماءِ حدّي
فَهَلْ مِن مُبْلِغٍ سَرواتِ قَومي … مُضاجَعَتي على العَزّاءِ غِمْدي
وإدلاجي وجنحُ اللَّيلِ طاوٍ … جَناحَيْهِ على نَصَبٍ وَكَدِّ
وَقَدْ رَنَتِ النُّجومُ إليَّ خُوصاً … بأعينِ كاسراتِ الطَّرفِ رمدِ
لأورِثَهُمْ مَآثِرَ صالحاتٍ … شفعتُ طريفها لهمُ بتلدِ
ولولا اللّهُ ثَمَّ بنو عُقَيْلٍ … لقصَّرَ دون غايتهنَّ جهدي
فَها أنا بِالعِراقِ نَجِيُّ عِزٍّ … وإلفُ كرامة ٍ وحليفُ رفدِ
أقدُّ بهِ قوافي محكماتٍ … لأرْوَعَ قُدَّ مِنْ سَلَفَيْ مَعَدِّ
أغرُّ تدرُّ راحتهُ سماحاً … ولم تعصبْ رغائبهُ بوعدٍ
ويغضي من تكرُّمهِ حياءً … وَدونَ إبائِهِ سَطَواتُ أُسْد
لهُ، والمحلُ غادرَ كلَّ عافٍ … يكدُّ العيسَ منتجعاً فيكدي
فناءٌ مخصبُ العرصاتِ رحبٌ … إذا ضاقت مباءة ُ كلِّ وغدِ
تلثِّمهُ المواهبُ كلَّ يومٍ … تمجُّ سماؤهُ علقاً، بوفدِ
وتصغي الأرحبيَّة ُ في ذراهُ … إلى قُبٍّ أياطِلُهُنَّ جُرْدِ
وما متوقِّدُ اللَّحظاتِ يحمي … على حذرٍ معرَّسهُ بوهدِ
كأنَّ نفيَّ جلدتهِ بقايا … دلاصٍ فضَّها الملوانِ سردِ
تراهُ الدَّهرَ مكتحلاً بجمرٍ … يَكادُ يُذيبُ مُهْجَتَهُ بِوَقْدِ
بِأَحْضَرَ وَثْبَة ً مِنْهُ إذا ما … رأى إغْضاءَهُ يَلِدُ التَّعَدّي
أعدُّكَ للعدا يا سعدُ فاهتف … بسمرٍ من رماحِ الخطِّ ملدِ
وَمُدَّ إلى العُلا ضَبْعّيَّ، وَامْنَعْ … صروفَ الدَّهرِ أن يضرعنَ خدّي
فعندكَ ملتقى سبلِ المعالي … وَمُعْتَرَكُ القوافي الغُرِّ عندي
أتاكَ العيدُ يَرْفَعُ ناظِرَيْهِ … إلى ما فيكَ من كرمٍ ومجدِ
ودهركَ دع بنيهِ إليكَ يهفو … بِطاعَة ِ مُسْتَبينِ الرِّقِّ عَبْدِ
ويعلمُ أنَّ سيفكَ عن قليلٍ … يشوبُ من العدوِّ دماً بحقدِ
فلا زَالَتْ لَكَ الأيّامُ سِلْماً … ملَّقحة ً لياليها بسعدِ