تريك الذي حدثت عنه من السحر – البحتري

تُرِيكَ الذي حُدّثتَ عَنهُ منَ السِّحْرِ، … بطَرْفٍ عَليلِ اللّحظِ مُستغرَبِ الفَترِ

وَتَضْحَكُ عَنْ نَظمٍ من اللّؤلؤ الذي … أرَاكَ دُموعَ الصّبّ كاللّؤلؤِ النّثْرِ

أفي الخَمرِ بَعضٌ من تَعَصْفُرِ خدّها، … أمِ التَهَبَتْ في خدّها نَشوَةُ الخَمرِ

أقامَتْ على الهِجرَانِ ما إن تَجوزُهُ، … وَخالفَهَا بالوَصْلِ طَيفٌ لها يَسرِي

فكَمْ في الدّجى مِنْ فَرْحةٍ بلِقائِها، … وَمِنْ تَرْحَةٍ بالبَينِ منها لدى الفجرِ

إذا اللّيلُ أعطانا مِنَ الوَصْلِ بُلغَةً، … ثَنَتْنَا تَباشِيرُ النّهَارِ إلى الهَجْرِ

وَلمْ أنْسَ إسعافَ الكَرَى بدُنُوّها، … وَزَوْرَتِها بَعدَ الهُدُوّ، وَما تَدرِي

وَأخذي بعِطفَيْها، وَقد مالَ رِدْفُها … بلَينه العِطفَينِ، مَهضُومةِ الخَصرِ

عِنَاقٌ يُرَوّي غُلّتي، وَهوَ باطِلٌ، … وَلَوْ أنّهُ حَقٌّ شَفَى لَوْعةَ الصّدْرِ

هْنتكْ، أمِيرَ المُؤمِنينَ، كِفَايَةٌ … مِنَ الله، في الأعداءِ، نابهةُ الذّكرِ

أتاكَ هِلالُ الشّهرِ سَعداً، فَبُورِكَا … على كلّ حالٍ من هلالٍ وَمن شَهرِ

أتَاكَ بفَتْحَيْ مَوْلَيَيْكَ مُبَشِّراً … بأكْبَرِ نُعْمَى، أوْجبَتْ أكثرَ الشكرِ

بما كانَ في الماهاتِ مِن سَطوِ مُفلحٍ، … وَما فعَلَتْ خَيلُ ابنِ خاقانَ في مِصرِ

وَإدْبارِ عَبْدوسٍ، وَقد عَصَفتْ بهِ … صُدورُ سيوفِ الهندِ، وَالأسَلِ السُّمرِ

لئِنْ كانَ مُستَغوِي ثَمُودٍ لقد غدتْ … على قَوْمِهِ، بالأمسِ، رَاغِيَةُ البَكْرِ

بِطَعْنٍ دِرَاكٍ في النّحورِ، يَحُطُّهمْ … نَشاوَى، وَضرْبٍ في جماجمهمْ هَبْرِ

فلَسْتَ تَرَى إلاّ رُؤوساً مُطاحَةً، … يجيدُ المَوَالي نَحرَها، أوْ دَماً يجرِي

وَلمْ تَحْرُزِ المَلْعُونَ قَلْعَتُهُ، التي … رَأى أنّهَا حِرْزٌ على نُوبِ الدّهْرِ

مضَى في سَوَادِ اللّيلِ، وَالخّيلُ خَلفَه … كرَاديسُ من شَفْعٍ مُغِذ، وَمن وِترِ

قَضَى ما عَلَيْهِ مُفْلِحٌ في طِلابِهِ، … فَلَمْ يَبْقَ إلاّ ما عَليّ مِنَ الشِّعْرِ

سَيَأتي بِهِ مُسْتَأسَراً، أوْ برَأسِهِ، … بَنُو الحَرْبِ، والغَالُونَ في طلَبِ الوِترِ

سَرَاةُ رِجَالٍ مِنْ مَواليكَ أكّدوا … عُرَى الدينِ إحكاماً وَبَتّوا قوَى الكفرِ

إذا فتَتَحُوا أرْضاً أعَدّوا لمِثْلِها … كَتائبَ تَفرِي من أعاديكَ ما تَفرِي

فَفي الشّرْقِ إفْلاحٌ لمُوسَى وَمُفلحٍ، … وَفي الغَرْبِ نَصرٌ يُرْتَجى لأبي نَصْرِ

لَقَدْ زَلزَلَ الشّامَ العَرِيضَةَ ذِكرُهُ، … وَأقْلَقَ سُكّانَ الجَزِيرَةِ بالذّعرِ

عُمِرْتَ، أميرَ المُؤمنينَ، بنِعْمَةٍ … تُضَاعِفُ ما مُكّنْتَ فيهِ من العُمرِ

وَمُلّيتَ عَبْدَ الله إنّ سَمَاحَهُ … هوَ القَطرُ في إسبالِهِ، وَأخُو القَطْرِ

إذا ما بَعَثْنَا الشِّعرَ فيهِ تَزَايَدَتْ … لهُ مَكْرُماتٌ، مُرْبياتٌ على الشِّعْرِ

مَتَتُّ بِأسْبَابٍ إلَيْهِ كَثِيرَةٍ، … وقدْ تُدْرَكُ الحَاجَاتُ بِالسَّبَبِ النَّزْرِ

وما نِلْتُ مِنْ جَدوَى أبيهِ وَجَدّهِ، … وَما رَفَعَا لي مِنْ سَنَاءٍ، وَمن ذِكْرِ

وَجَاوَرَ رَبْعي بالشّآمِ رِبَاعَهُ، … وَلَيسَ الغِنى إلاّ مُجاوَرَةُ البَحْرِ

وَلي حاجَةٌ لمْ آلُ فيهَا وَسِيلَةً … إلى القَمَرِ الوَضّاحِ، وَالسّيّدِ الغَمْرِ

شَفَعْتُ إلَيْهِ بالإمَامِ، وَإنّمَا … تَشَفّعْتُ بالشّمسِ اقتضَاء إلى البدر

فَلَمْ أرَ مَشْفُوعاً إلَيْهِ وَشافِعاً … يدانيهما في منتهى المجد والفخر

فعال كريم الفعل مطلب الجدا … وقول مطاع القول متب الأمر