بشرى تقوم لها الدنيا على قدم – لسان الدين الخطيب
بشرى تقوم لها الدنيا على قدم … حيا بها الله حي النصر في القدم
وأصبح الدين جذلانا بموقعها … يثني بكل لسان ناطق وفم
واستبشرت دولة الإسلام حين رأت … سيفا من العرب مسلولا على العجم
خلافة الله يهنيك الدوام فما … تخشى نفادا وقد قال الإله دم
ويا بشير بنعمى جل موقعها … لك البشارة مما شئت فاحتكم
ويا أمير الهدى هنيتها نعما … موصولة العد قد جلت عن النعم
أجدى من الغيث بعد الجدب في بلد … أو الشبيبة بعد الشيب والهرم
شهاب هدي تجلى في سماء علا … وفرع ملك نما في دوحة الكرم
تاهت به الجرد واهتزت به طربا … معاطف الشم والمصقولة الخدم
وللتنافس في تقبيل راحته … ظل التفاخر بين السيف والقلم
فاعدد له الخيل تزهى في مرابطها … شرس اللحاظ لها حقد على اللجم
واذكر بمسمعه الأهدى وقائعه … يلح لوجهك منه وجه مبتسم
وكلما كملت فيه القوى وشدا … فاجعل مجالسه في الحفل كل كم
وليكثر القوم ذكرا في مجالسه … من السياسة والأمثال والحكم
حتى إذا كملت فيه الورى وسما … خطلا وراع أسود الغاب في الأجم
فاذعر به الكفر في أقصى مآمنه … وحط به الدين من خلف ومن أمم
لكي تلوح عليه في شمائله … شمائل من أبيه الطاهر الشيم
ومن كيوسف في الأملاك من ملك … بالحلم متسم بالحزم محتزم
تنمي علاك من الأنصار سادتها … في مفخر ككعوب الرمح منتظم
خلائف لم تزل بالهدي صادعة … بالعدل في الظلم أو بالنور في الظلم
السابقون إلى الغايات إن ارتضوا … والناطقون بفصل الحكم في الكلم
من كل أروع أن ضنت بوابلها … سحب السماء وشحت شحة الديم
قامت يداه مقام الغيث وانتجعت … نداه زاجرة الوخادة الرسم
وأصبح الحي بعد الجهد في دعة … ريان من زفرات الخيل والنعم
يا أيها الملك الندب الذي عصمت … منه البلاد بدفاع من العصم
هفا بها الروع وارتجت جوانبها … وكان ساكنها لحما على وضم
فأصبحت بك بعد الروع آمنة … في ظل ملكك أمن الطير في الحرم
فلو رآك زهير ما تخلفها … غرا على مرر الأحقاب في هرم
ولو تناسى الرضى الدهر ثم رأى … أيام سلمك لم يحفل بذي سلم
فاهنأ بغرة سعد طالع لمنى … سعد بعز جديد غير منصرم
بقيت في ظل ملك لا نفاد له … والدهر طوعك والأيام كالخدم
ودام نجلك لا تنفك تحرسه … عين من الله لم تهجع ولم تنم
حتى ترى الجيش يغزو تحت رايته … مؤيد العزم منصورا على الأمم
والرفد ما بين مرفض ومنكسب … والوفد ما بين منفض ومنزحم
مولاي لي ذمم في الملك سابقة … وأنت أكرم راع حرمة الذمم
مالي لسان بما أوليت من منن … ولا كفيء لما أسديت من نعم