النسر والحمامة – جمال مرسي

رأيت الأمس رؤيا ارقتني … وألقت في الكرى شوك القتادِ

وقضّت مضجعي حتى كأني … نسيت بفعلها طعم الرقادِ

رأيت حمامةً بيضاء طارت … وفي أعقابها نسرٌ رمادي

يلاحقها إذا حلّت بسهلٍ … ويطردها إذا نزلت بوادِ

فإن حطّت بوارفةٍ ونادت … فما من مستجيبٍ للمنادي

ويحسب سامعوها أن سجعاً … ترددهُ عليهم صوت شاد

وأن دموعها العذراءَ درٌ … يزين صدر سُعدى أو سعاد

فينصرفون عنها وهْي ثكلى … ويعتذرون عن فهم المرادِ

ويحتجون أن النسر فظٌ … غليظ الطبع منزوع الفؤاد

وخلف النسر رُخٌّ أفعوانٌ … يموِّلهُ ويسخو بالعتاد

ويحمل عنه أوزاراً جساما … بأية ملتقىً أو كلِّ ناد

وينصرهُ على ظلمٍ وينسى … عقاب الله في يوم التناد

وينسى أن عمر الظلم يومٌ … ودولتهُ تؤول إلى النفاد

وأن الحق باقٍ ليس يفنى … ورايتهُ إلى يوم المعادِ

وشاء الله للورقاءِ نصراً … فراغت في المنام من الأعادي

وباضت بيضةً في حجم طودٍ … عظيمٍ راسخٍ صعبِ القياد

سألت مفسرَ الأحلام عنها … أجاب لعلها للسندباد