عودي – جمال مرسي
عودي فصُبِّي العشقَ في شرياني … صادٍ أنا أخنى عليَّ زماني
نَضَبَتْ منابعُ عالمي ، فكأنها … صارت عشوش البومِ و الغربانِ
أين الكرى ؟ أمسى كأنَّ سريرَهُ … رُفِعَتْ قوائمُهُ على البركانِ
ما الحلمُ إلا هاجسٌ في غفوةٍ … قد أفزَعَتْ زوراتُهُ أجفاني
إني بلوْتُ مشاعري فوجدتها … ذابت أسىً من كثرةِ الأحزانِ
و بلوْتُ روضاتي ففاحَ أريجُها … و تحَدَّثَت أزهارُها بلساني
قالت عرفتُ الخطوَ لم أحفلْ بِهِ … لم يُؤذِني إلا خُطى الإنسانِ
يزهو كطاووسٍ طغى في حسنِهِ … ظنّاً بأنَّ الحُسْنَ في الألوانِ
ما الحُسن في تلك الجسومِ و إنّما … في البرِّ في المعروفِ في الإحسانِ
في نظرةٍ تُزجى إلى مُتَأَلِمٍ … في شرْبةٍ تُعطى على صديانِ
في بسمةٍ رُسِمَتْ على شفةِ المثنى … دكَّت صُروحَ البؤسِ و الحرمانِ
في كفِّ عبدٍ قد جَنَتْ من كسْبِها … رزقاً حلالَ الجذرِ و الأفنانِ
رُفِعَتْ لخالقها بكلِّ تواضعٍ … تدعوهُ في سرٍّ و في إعلانِ
و الخيرُ في ساقٍ سَعَتْ فيما سَعَتْ … للحقِّ ، لا للزور و البهتانِ
إنْ أرقَلَتْ فالصدق في خطواتها … بالصدقِ قامت دولة الإيمانِ
أو أبطَأَتْ ، فلعلها تنجو بِهِ … من سقطةٍ في قبضةِ الشيطانِ
عودي إذن ثمَّ اسكبي يا خُلَّتي … من حبِّكِ الفيّاضِ في وجداني
لا تسألي عمّا مضى ، أولى بنا … نسيانهُ و العيش في اطمئنانِ
عودي فإن سفينتي قلبُ التي … أحببتها ، و عيونها شطآني
أرسو .. إذا ضنّتْ عليَّ مرافئٌ … في ناعساتٍ ، هُنَّ برُّ أماني