الزاهية – جمال مرسي

بَكَى الشِّعرُ و التَاعَت القَافِيَةْ … و أَضحَت مَنازِلُهُ خَاوِيَةْ

أَرَى الرَّوضَ أَزهَارَهُ في ذُبُولٍ … و أَغصَانَ أَشجَارِهِ بَاكِيَة

تُسَائِلُ حَرفَ القَصِيدةِ عَنهَا … عَنِ الطُّهرِ فِي حُلَّةٍ زَاهِيَة

عَنِ الصِّدقِ حِينَ يَفِيضُ المِدادُ … كَنَهرٍ مِنَ الفِضَّةِ الجَارِيَة

عَنِ البَحرِ يَا ابنَتَهُ إِذ تَهَادَت … لِعَينَيكِ أَموَاجُهُ العَاتِيَة

عَنِ القَلَمِ السَّيفِ حِينَ أَرَاهُ … يُسَدِّدُ ضَربَتَهُ القَاضِيَة

و ما كَانَ فِي الحَقِّ يَخشَى مَلاماً … و لَم يُثنِ هِمَّتَهُ طَاغِيَة

يُميطُ اللِّثَامَ عَنِ الزَّيفِ شِعراً … و فِي النَّثرِ رَايَتُهُ عَالِيَة

و يُلقِي بكُلِّ عُتُلٍّ زَنِيمٍ … سَبَاهُ الغُرُورُ إِلَى الهَاوِيَة

و مَا كَانَ يَرضَى سِوَى بِالجَمَالِ … و يَربَأُ عَن كِلْمَةٍ نَابيَة

حَنَانَيكِ يا ” زَهْوُ ” إنَّا عِطَاشٌ … لِسَلسَلِ أَشعَارِكِ الصَّافِيَة

حَنَانَيكِ يا أُختَ كُلِّ جَرِيحٍ … تُضَمِّدُهُ كَفُّكِ الحَانِيَة

كأنَّكِ خَنسَاءَ هذا الزَّمَانِ … تُرَقِّعُ أَسمَالَهُ البَالِيَة

تَحِيكُ لَهُ حُلَّةً مِن وَقَارٍ … و تَبذُلُ مُهجَتَهَا الغَالِيَة

و تَصبِرُ إِن دَاهَمَتهَا الخُطُوبُ … على الجُرحِ شَامِخَةً رَاضِيَة

حَنَانَيكِ يا فَخرَ كُلِّ أَدِيبٍ … صَدٍ كُنتِ في أُفْقِهِ غَادِيَة

تُرَوِّينَهُ لَو يَضِنُّ الغَمَامُ … فَتَروَى الحَوَاضِرُ و البَادِيَة

و مِن فَيضِ جُودِ الكِرَامِ أَرَاكِ … إِلَى كُلِّ مَكرُمَةٍ سَاعِية

تُوَاسِينَ هَذا ، و تُرضِينَ هَذا … و تَسطَعُ شَمسُكِ في الدَّاجِيَة

عَرَفنَاكِ نَجمَةَ هذا الفَضَاءِ … و رَجعَ بَلابِلِهِ الشَّادِيَة

فَكَم شِدتِ بالحُبِّ صَرحاً منِيفاً … قَوَاعِدُهُ بالوَفَا رَاسِيَة

يُشِيرُ إلَيكِ الوَرَى بالبَنَانِ … فَما كُنتِ عَن مُلتَقَىً نَائِيَة

تُرِيقينَ كَالشَّهدِ شِعراً مُصَفَّىً … تَتُوقُ لَهُ الأنفُسُ الصَّادِيَة

رِسالَةَ مُسلِمَةٍ قَد حَمَلتِ … فَكُنتِ الأَدِيبَةَ و الدَّاعِيَة

حَنَانَيكِ ، هل آَنَ أَنْ تَستَرِيحَ … خُيُولُكِ مِن رِحلَةٍ قَاسِيَة

و لَم تَضَعِ الحَربُ أَوزارَها … ذِئابُهُمُ لَم تَزَل ضَارِيَة

و مَن لِلذِّئابِ إِذَا المُخلِصُونَ … تَخَلَّوْا عَنِ السَّيفِ يا زَاهِيَة