الرحيل إلى غابات الروح – عدنان الصائغ

الفجرُ يفترشُ الحقولَ المُسْتَحِمَّةَ.. بالندى

والنخلُ.. يلبسُ حلّةَ الأمراء

يبسطُ ساعديه.. على المدى

الشمسُ بينَ يديهِ

والنهرُ المرقرقُ.. والحمائم

تشدو له… ودَمي الصدى

وأنا المتيّمُ بالطفولةِ.. والقصائدِ

أمنحُ الكلماتِ.. وهجَ الشمسِ

أنثرها.. على كلِّ البساتينِ الجميلةِ.. في بلادي

يا مهرجانَ القمحِ.. خذْ قلبي

مع الريحِ الخجولةِ..

يَلمُس الأغصانَ.. في وَلَهٍ

يُغنِّي للنخيلْ

وأظلُّ أَحْلُمُ بالأصيلْ

حتى الطريق إلى المدينةِ.. ضيَّعتهُ خُطى الفتى

فإذا الطريقُ إلى المدينةِ.. لمْ يَعُدْ ذاك الطريقْ

كوخي هنا..

ومعي القصيدةُ.. والقمرْ

النهرُ.. أولُ ما يجيءُ.. يجيءُ لي

حتى الفصولْ

والريحُ..

حتى الريحْ

عذراء

صافيةٌ…

تصلّي في الحقولْ

والشمسُ.. آهِ.. الشمسُ

في غَبَشِ الصباحِ.. تجيءُ لي

طَرَقاتها الخجلى.. على شُبّاكي الموصودِ.. أَعْرِفُها

وأَعْرِفُ كيفَ تُوقِظُني..

فنركضُ في المروجْ

ومعاً.. سنقتسمُ السَنَابِلَ والرغيفْ

ومعاً.. نُغنِّي

هذي المدينة.. ضيَّعتني

سأعودُ للغاباتِ..

أسألها عن الأعشاشِ

هل رحلتْ معي… حينَ ارتحلتُ إلى المدينةْ

وأُسائلُ الأنهارَ.. عن جسرٍ من الجِذْعِ القديمْ

أما يزالْ

يمتدُّ من قلبي… إلى بيتِ الحبيبةْ

وأروحُ أبحثُ في غُصُونِ البرتقالْ

عن موعدٍ

تركتهُ لي… ذاتُ الضَفائر

سأعودُ.. يا قلبي

وداعاً…

يا مدينة