افتقادُ شيء تافه – ليث الصندوق

أذكرُ أني كنتُ قديماً أملك رأساً

وبه عينان كشاشاتِ التلفاز تبثان خفايا جسدي

وبه كانتْ أذنان

تلتقطان النجدةَ َمن أجرام منهارة

وعليه نمَتْ كومة ُشَوك

أسماها العامة ُشَعراً

وبه ثقبان يطشّان – إذا دُوهِمتُ – شراراً

وبه شيءٌ مثلُ اللغم يُسمى مُخّاً

لم ينفعْني يوماً

لكن خوفَ تفجّرهِ أبقيتُ عليه بلا استخدام

منذ زمان كان على كتفي رأسٌ

يقعى كالفار على القمّة

لكن أين تُرى قد ضاع ؟

أحلامي لم تجتز حَدّ السُرَع ِالقصوى

قلبي لم يقفز فوق سُقوفِ الجيران

أظفاري لم تُغمد إلا في لحمي

مَزّقَ قدمي السَيرُ ولم أخلعْ خُفي

اكلتْ لحمي القملة ُ

لكن لم أنزع أسمالي

كيف إذن ضيّعتُ الرأسَ ؟

وطيلة َعمري ما حاربتُ سوى نفسي

رئتي لم تتنشّق من حصّة غيري

لم أسرع في الركض مخافة َأن يفلت عضوٌ مني

لم أسرع في الأكل مخافة َان أبتلعَ لساني

حين اغني أمسكُ اسناني

خوفاً أن تقلعها آهاتي

وبُعَيدَ اليقظةِ استنزفُ أعواماً من عُمري

كي أمحو اثار النوم

لا أدري أين اضعتُ أنا رأسي

كنتُ وَثوقاً من خطواتي

تتهشّمُ اغصانُ الغاباتِ على جسدي

والريحُ السوداءُ بظهري تفركُ فروتَها

كي تزدادَ بياضاً

لكن حين خلوتُ لأملاكي أحسبها

فوجئتُ بأني لا أملك رأساً

هذي الدعوة ُأرسلها للناس جميعاً

من يعثرْ في الأرض على رأس

فليبعثهُ على عنواني