إليك سمت يا ابن الوليد ركابنا – الفرزدق

إلَيْكَ سَمَتْ يا ابنَ الوَليدِ رِكابُنَا، … وَرُكْبانُها أسْمَى إلَيْكَ وَأعْمَدُ

إلى عُمَرٍ أقْبَلْنَ مُعْتَمِدَاتِهِ … سرَاعاً، وَنِعْمَ الرَّكْبُ والمُتَعَمَّدُ

وَلمْ تَجرِ إلاّ جِئْتَ للخَيْلِ سَابِقاً، … ولا عُدْتَ إلاّ أنْتَ في العَوْدِ أحمدُ

إلى ابنِ الإمامَيْن اللّذَينِ أبُوهُمَا … إمَامٌ لَهُ، لَوْلا النّبُوّةُ، يُسْجَدُ

إذا هُوَ أعْطَى اليَوْمَ زادَ عَطَاؤهُ … على ما مَضَى مِنْهُ إذا أصْبَحَ الغَدُ

بحَقّ امرِىءٍ بَينَ الوَليدِ قَنَاتُهُ … وَكِنْدَةَ فَوْقَ المرُتَقَى يَتَصَعّدُ

أقُولُ لحَرْفٍ لمْ يَدَعْ رَحْلُهَا لهَا … سَنَاماً، وَتَثْويرُ القَطا وَهَو هُجَّدُ

علَيْكِ فَتى النّاسِ الذي إنْ بَلَغْتِه … فَمَا بَعْدَهُ في نَائِلٍ مُتلَدَّدُ

وَإنّ لَهُ نَارَينِ كِلْتَاهُمَا لَهَا … قِرىً دائِمٌ قُدّامَ بيْتَيْهِ تُوقَدُ

فَهَذِي لِعَبْطِ المُشْبَعَاتِ إذا شتا، … وَهَذي يَدٌ فِيهَا الحُسَامُ المُهَنّدُ

وَلَوْ خَلّدَ الفَخْرُ امْرَأً في حَياتِهِ … خَلَدْتَ، وَمَا بَعْدَ النّبيّ مُخَلَّدُ

وَأنْتَ امْرُؤٌ عُوِّدْت للمَجْدِ عَادةً، … وَهَلْ فَاعِلٌ إلاّ بِمَا يَتَعَوّدُ

تسائلني: ما بال جنبك جافياً … أهم جفا أم جفن عينيك أرقد

فقلت لها: مَا بَلُ عِيَالٌ أرَاهُمُ … وَمَا لهُمُ مَا فِيهِ للغَيْثِ مَقْعَدُ

فَقالَتْ: أليسَ ابنُ الوَليد الذي لَهُ … يَمِينٌ بهَا الإمْحَالُ والفَقرُ يُطرَدُ

يَجودُ وَإنْ لمْ تَرْتَحِلْ يا ابنَ غالبٍ … إلَيْهِ، وَإنْ لاقَيْتَهُ فَهْوَ أجْوَدُ

مِنَ النّيلِ، إذْ عَمَّ المَنَارَ غُثَاؤهُ، … وَمَنْ يَأتِهِ مِنْ رَاغِبٍ فهوَ أسعدُ

فَإنّ ارْتِدادَ الهَمّ عَجْزٌ على الفَتى … عَلَيْهِ كَما رُدّ البَعِيرُ المُقَيَّدُ

وَلا خَيرَ في هَمٍّ إذا لمْ يَكُنْ لَهُ … زَمَاعٌ وَحَبْلٌ للصّرِيمَة مُحْصَدُ

جَرَى ابنُ أبي العاصي فَأحرَزَ غايَةً، … إذا أُحْرِزَتْ مَنْ نالهَا فَهوَ أمجَدُ

وَكانَ، إذا احْمَرّ الشّتَاءُ، جِفَانُهُ … جِفَانٌ إلَيْهَا بادِئُونَ وَعُوّدُ

لَهُمْ طُرُقٌ أقدامُهُمْ قد عَرَفْنَها … إلَيهِمْ وأيديهِمْ مِنَ الشّحمِ جُمَّدُ

وَما مِنْ حَنِيفٍ آلَ مَرْوَانَ مُسْلِمٍ، … وَلا غَيرِهِ إلاّ عَلَيْهِ لَكُمْ يَدُ

إذا عَدّ قَوْمٌ مَجدَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ، … فضَلتُمْ إذا ما أكرَمُ النّاسِ عُدّدوا